شامخ
01-01-2009, 10:08 PM
http://www8.0zz0.com/2008/12/14/15/853971260.jpg
اتسمت تجربة الحائز على جائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2006 بالاشتراك
مع بنك غرامين - بنك القرية- البروفيسور محمد يونس في إيجاد الحلول الكفيلة
من أجل وضع حد للفقر الذي أكل طبقة كبيرة في بنغلادش، بالاتزان والصبر وبعد النظر،
ولم يكتب لهذا الرجل العظيم أن ينجح في مسعاه الذي كرس له كل حياته لو أنه
انطلق من حيث انطلق الآخرون، في تعاملهم مع الوضع الاقتصادي الكلاسيكي
الذي له أسسه المعروفة، لا سيما من حيث التمويل- وتفرعاته- الذي قاعدته الفوائد الربوية،
والجهة المستهدفة أصحاب الضمانات الذين بإمكانهم أن يأخذوا قروضا بضمانات نظير ذلك..
البروفيسور محمد يونس كما تتفق آراء النخبة الاقتصادية،
والاجتماعية في أصقاع العالم، أسس لنظرية اقتصادية جديدة
ربما لم يسبق إليه أحد في عصر تموج فيه المصالح الكبرى،
وتطغى غلبة المال على المشهد الاقتصادي من مشرق الدنيا إلى مغربها،
وتعد هذه النظرية التي لم يتجرأ أي اقتصادي- في الوقت المعاصر- على الإتيان بها،
فضلا عن تجسيدها على أرض الواقع، نظرية خلقت ديناميكية
جديدة في العمل الاستثماري،
وفتقت الفكر الاقتصادي القائم على التكافل الاجتماعي
الذي تكاد تتفق حوله كل الديانات السماوية قاطبة،
وبعد أن غاب عن أجندة الاقتصاديين
المعاصرين، وغير المعاصرين.
http://www6.0zz0.com/2008/12/14/15/705575486.jpg
وعندما فكر في إنشاء بنك غرامين عام 1976 كمشروع اقتصادي يأخذ بعين
الاعتبار حلحلة مشكلة الفقر دونما تصورات مطروحة سلفا، ودون الابتعاد عن العمل
الإنساني، وكأي مشروع اقتصادي فمن الواجب أن تكون له أهدافه المرجوة والوسائل
التي بفضلها يصل إلى هذه الأهداف، وقد كانت أهداف محمد يونس كالتالي:
القضاء على استغلال المرابين للفقراء، مد التسهيلات البنكية للفقراء من الرجال والنساء،
خلق فرص للتوظيف الذاتي للقطاع العريض غير المستخدم أو قليل الاستخدام
من مصادر الطاقة البشرية، دمج القطاع المهمش من المجتمع في طيات نموذج
مؤسسي يستطيعون استيعابه والتعامل معه، ويستمدون منه القوة الاجتماعية
والسياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال تعاون ودعم متبادل،
إدارة دفة الحلقة المفرغة القديمة: دخل قليل مدخرات قليلة استثمار قليل،
فدخل قليل مرة أخرى لتصبح نسقا متصاعدا من دخل منخفض، ائتمان،
استثمار، دخل أكبر، ائتمان أكبر ، مزيد من الاستثمار فالمزيد من الدخل.
http://www2.0zz0.com/2008/12/14/15/303789429.jpg
وإلى جانب هذه الأهداف الكبرى فقد وضعت إلى جانبها تعهدات عدّدها
محمد يونس بستة عشر، وبالإمكان أن نقتطف منها بعض النقاط:
سوف نعمل على إتباع واستمرار القواعد الأربعة للبنك وهي:
الانضباط، الوحدة، الشجاعة، العمل الدؤوب في كل مناحي الحياة،
سوف نعمل على جلب الممتلكات لأسرنا،
لن نعيش في منازل خربة وسوف نصلح منازلنا ونعمل على بناء منازل
جديدة في أقرب فرصة،
سوف نزرع الخضروات طوال العام ونأكل الكثير منها ونبيع ما يفيض،
سنعمل على أن تكون أسرنا صغيرة ونقلل نفقاتنا ونعتني بصحتنا،
سوف نعمل على تعليم أبنائنا، وسوف نتأكد أننا نستطيع توفير نفقات تعليمهم،
سنحرص على نظافة بيئتنا،سوف نكون مستعدين دائما لمساعدة بعضنا بعضا،
وإذا تعرض أي إنسان لضائقة فسوف نساعده...
السر في أن البروفيسور محمد يونس استطاع أن يحقق هذا النجاح الباهر
في وضع حد للفقر المطلق داخل شريحة واسعة من الشعب البنغالي،
كونه انطلق من مسلمة واحدة ووحيدة وتكمن في الإخلاص والعمل
المتواصل والإيمان بالنتيجة النهائية.
وقد كانت التعهدات الستة عشر التي نقشها كل بنغالي في مخيلته،
وآمن بتجسيدها على أرض الواقع، بمثابة الضمان الوحيد الذي زلزل قاعدة
العمل الربوي الذي تقوم عليه البنوك المالية من أصوله، وبالتالي قلب مفهوم التنمية
رأسا على عقب، مدللا على أن الفقير المعدم بإمكانه أن يصل ويصبح غنيا،
شريطة الاجتهاد والإخلاص.
وفي هذا الصدد فإني أنقل للقارئ العزيز مقتطفا من مفهوم البروفيسور محمد يونس
للتنمية الذي ربما يخالف ما تعارف عليه أساتذة الاقتصاد وتعارفت عليه الحكومات
سواء العربية وغير العربية فيقول:"التنمية من وجهة نظري تعني تغيرا
إيجابيا في حياة الخمسين بالمائة من الناس الذين يمثلون قاع المجتمع.
عندما يتحدث البعض عن التنمية فإن ما يدور في خلدهم هو إنشاء السدود
والطرق والمطارات الدولية وشراء طائرات الجامبو النفاثة الجديدة،
إلى آخر قائمة التي يرونها تنمية، لكني أتساءل: إذا نحن اشترينا طائرات
جامبو نفاثة فمتى سوف تحدث هذه الطائرات تأثيرا إيجابيا على حياة الخمسين
بالمائة من قاع المجتمع؟
إنني أرفض اعتبار شراء طائرات نفاثة تمثل شيئا من التنمية،
أو أن تلك الطرق الجميلة التي تبنى لتربط البلاد من الشرق إلى
الغرب أو من الجنوب إلى الشمال والتي يقال إنها تمثل ثورة في الاقتصاد،
إنني أرفض أيضا اعتبار ذلك مشروعا اقتصاديا، بل إن ذلك الطريق قد يؤثر سلبيا
على هؤلاء الناس الذين يمثلون الخمسين بالمائة الواقعون في قاع المجتمع،
وذلك بإخراجهم من مآويهم.إنكم تدعونها تنمية، لأنكم تستثمرون
فيها الكثير من المال، باعتقادكم أنكم تجعلون الوطن جميلا،
حيث تجري السيارات الجميلة فوق هذا الطريق، البعض أيضا يتحدث عما
يستهلكه الفرد من كهرباء كمؤشر للتنمية، وهو ما لا يعني ذلك عندي
حيث يبقى الخمسون بالمائة الواقعون في القاع بلا أدنى استهلاك للكهرباء،
فحتى إذا زاد استهلاك الفرد للكهرباء ألف مرة فماذا يعني ذلك؟ إن ذلك لا يجلب
الكهرباء للناس الذين في القاع لذا فإن عليكم أن تأخذوا مثلا نصيب الفرد من أهل القاع
( الخمسين بالمائة) من قطع الملابس أو مقادير الطعام،
فإذا كان نصيب فرد من قطعة واحدة من الملابس- حيث لا يستطيع تغيير ملابسه-
إذا استطعنا أن نجعله يحصل على قطعة أخرى يغير فيها، فإنني أعد ذلك تنمية،
أو إذا كان هناك فرد لا يحصل إلا على وجبة واحدة في اليوم
وغيرنا وضعه بحيث يستطيع الحصول على وجبتين في اليوم
فإن ذلك يعد تنمية على مستوى عال.
المتأمل في ما قاله البروفيسور يونس حول التنمية يدرك من دون جهد يذكر
أن التنمية الحقيقية تنطلق من عمق المجتمع، وتنطلق من الإنسان نفسه،
وبعبارة أدق تنطلق من الفرد الفقير.
.
/
.
الجزيره توك
بتصرف
اتسمت تجربة الحائز على جائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2006 بالاشتراك
مع بنك غرامين - بنك القرية- البروفيسور محمد يونس في إيجاد الحلول الكفيلة
من أجل وضع حد للفقر الذي أكل طبقة كبيرة في بنغلادش، بالاتزان والصبر وبعد النظر،
ولم يكتب لهذا الرجل العظيم أن ينجح في مسعاه الذي كرس له كل حياته لو أنه
انطلق من حيث انطلق الآخرون، في تعاملهم مع الوضع الاقتصادي الكلاسيكي
الذي له أسسه المعروفة، لا سيما من حيث التمويل- وتفرعاته- الذي قاعدته الفوائد الربوية،
والجهة المستهدفة أصحاب الضمانات الذين بإمكانهم أن يأخذوا قروضا بضمانات نظير ذلك..
البروفيسور محمد يونس كما تتفق آراء النخبة الاقتصادية،
والاجتماعية في أصقاع العالم، أسس لنظرية اقتصادية جديدة
ربما لم يسبق إليه أحد في عصر تموج فيه المصالح الكبرى،
وتطغى غلبة المال على المشهد الاقتصادي من مشرق الدنيا إلى مغربها،
وتعد هذه النظرية التي لم يتجرأ أي اقتصادي- في الوقت المعاصر- على الإتيان بها،
فضلا عن تجسيدها على أرض الواقع، نظرية خلقت ديناميكية
جديدة في العمل الاستثماري،
وفتقت الفكر الاقتصادي القائم على التكافل الاجتماعي
الذي تكاد تتفق حوله كل الديانات السماوية قاطبة،
وبعد أن غاب عن أجندة الاقتصاديين
المعاصرين، وغير المعاصرين.
http://www6.0zz0.com/2008/12/14/15/705575486.jpg
وعندما فكر في إنشاء بنك غرامين عام 1976 كمشروع اقتصادي يأخذ بعين
الاعتبار حلحلة مشكلة الفقر دونما تصورات مطروحة سلفا، ودون الابتعاد عن العمل
الإنساني، وكأي مشروع اقتصادي فمن الواجب أن تكون له أهدافه المرجوة والوسائل
التي بفضلها يصل إلى هذه الأهداف، وقد كانت أهداف محمد يونس كالتالي:
القضاء على استغلال المرابين للفقراء، مد التسهيلات البنكية للفقراء من الرجال والنساء،
خلق فرص للتوظيف الذاتي للقطاع العريض غير المستخدم أو قليل الاستخدام
من مصادر الطاقة البشرية، دمج القطاع المهمش من المجتمع في طيات نموذج
مؤسسي يستطيعون استيعابه والتعامل معه، ويستمدون منه القوة الاجتماعية
والسياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال تعاون ودعم متبادل،
إدارة دفة الحلقة المفرغة القديمة: دخل قليل مدخرات قليلة استثمار قليل،
فدخل قليل مرة أخرى لتصبح نسقا متصاعدا من دخل منخفض، ائتمان،
استثمار، دخل أكبر، ائتمان أكبر ، مزيد من الاستثمار فالمزيد من الدخل.
http://www2.0zz0.com/2008/12/14/15/303789429.jpg
وإلى جانب هذه الأهداف الكبرى فقد وضعت إلى جانبها تعهدات عدّدها
محمد يونس بستة عشر، وبالإمكان أن نقتطف منها بعض النقاط:
سوف نعمل على إتباع واستمرار القواعد الأربعة للبنك وهي:
الانضباط، الوحدة، الشجاعة، العمل الدؤوب في كل مناحي الحياة،
سوف نعمل على جلب الممتلكات لأسرنا،
لن نعيش في منازل خربة وسوف نصلح منازلنا ونعمل على بناء منازل
جديدة في أقرب فرصة،
سوف نزرع الخضروات طوال العام ونأكل الكثير منها ونبيع ما يفيض،
سنعمل على أن تكون أسرنا صغيرة ونقلل نفقاتنا ونعتني بصحتنا،
سوف نعمل على تعليم أبنائنا، وسوف نتأكد أننا نستطيع توفير نفقات تعليمهم،
سنحرص على نظافة بيئتنا،سوف نكون مستعدين دائما لمساعدة بعضنا بعضا،
وإذا تعرض أي إنسان لضائقة فسوف نساعده...
السر في أن البروفيسور محمد يونس استطاع أن يحقق هذا النجاح الباهر
في وضع حد للفقر المطلق داخل شريحة واسعة من الشعب البنغالي،
كونه انطلق من مسلمة واحدة ووحيدة وتكمن في الإخلاص والعمل
المتواصل والإيمان بالنتيجة النهائية.
وقد كانت التعهدات الستة عشر التي نقشها كل بنغالي في مخيلته،
وآمن بتجسيدها على أرض الواقع، بمثابة الضمان الوحيد الذي زلزل قاعدة
العمل الربوي الذي تقوم عليه البنوك المالية من أصوله، وبالتالي قلب مفهوم التنمية
رأسا على عقب، مدللا على أن الفقير المعدم بإمكانه أن يصل ويصبح غنيا،
شريطة الاجتهاد والإخلاص.
وفي هذا الصدد فإني أنقل للقارئ العزيز مقتطفا من مفهوم البروفيسور محمد يونس
للتنمية الذي ربما يخالف ما تعارف عليه أساتذة الاقتصاد وتعارفت عليه الحكومات
سواء العربية وغير العربية فيقول:"التنمية من وجهة نظري تعني تغيرا
إيجابيا في حياة الخمسين بالمائة من الناس الذين يمثلون قاع المجتمع.
عندما يتحدث البعض عن التنمية فإن ما يدور في خلدهم هو إنشاء السدود
والطرق والمطارات الدولية وشراء طائرات الجامبو النفاثة الجديدة،
إلى آخر قائمة التي يرونها تنمية، لكني أتساءل: إذا نحن اشترينا طائرات
جامبو نفاثة فمتى سوف تحدث هذه الطائرات تأثيرا إيجابيا على حياة الخمسين
بالمائة من قاع المجتمع؟
إنني أرفض اعتبار شراء طائرات نفاثة تمثل شيئا من التنمية،
أو أن تلك الطرق الجميلة التي تبنى لتربط البلاد من الشرق إلى
الغرب أو من الجنوب إلى الشمال والتي يقال إنها تمثل ثورة في الاقتصاد،
إنني أرفض أيضا اعتبار ذلك مشروعا اقتصاديا، بل إن ذلك الطريق قد يؤثر سلبيا
على هؤلاء الناس الذين يمثلون الخمسين بالمائة الواقعون في قاع المجتمع،
وذلك بإخراجهم من مآويهم.إنكم تدعونها تنمية، لأنكم تستثمرون
فيها الكثير من المال، باعتقادكم أنكم تجعلون الوطن جميلا،
حيث تجري السيارات الجميلة فوق هذا الطريق، البعض أيضا يتحدث عما
يستهلكه الفرد من كهرباء كمؤشر للتنمية، وهو ما لا يعني ذلك عندي
حيث يبقى الخمسون بالمائة الواقعون في القاع بلا أدنى استهلاك للكهرباء،
فحتى إذا زاد استهلاك الفرد للكهرباء ألف مرة فماذا يعني ذلك؟ إن ذلك لا يجلب
الكهرباء للناس الذين في القاع لذا فإن عليكم أن تأخذوا مثلا نصيب الفرد من أهل القاع
( الخمسين بالمائة) من قطع الملابس أو مقادير الطعام،
فإذا كان نصيب فرد من قطعة واحدة من الملابس- حيث لا يستطيع تغيير ملابسه-
إذا استطعنا أن نجعله يحصل على قطعة أخرى يغير فيها، فإنني أعد ذلك تنمية،
أو إذا كان هناك فرد لا يحصل إلا على وجبة واحدة في اليوم
وغيرنا وضعه بحيث يستطيع الحصول على وجبتين في اليوم
فإن ذلك يعد تنمية على مستوى عال.
المتأمل في ما قاله البروفيسور يونس حول التنمية يدرك من دون جهد يذكر
أن التنمية الحقيقية تنطلق من عمق المجتمع، وتنطلق من الإنسان نفسه،
وبعبارة أدق تنطلق من الفرد الفقير.
.
/
.
الجزيره توك
بتصرف