دندنة الرحيل
04-12-2010, 10:36 PM
المَوْتُ قِيْثَارَةٌ فِضَّـيَّةٌ تَعْزِفُ أَلْحَاَن النِّهَايَاتِ عَلَى أَوْتَارِ الفَقْدِ المَنْسِيَّة!
~1~
أَدْرَكْتُ بَعْدَ مَوْتِي كَيْفَ هُمْ مَقْتُوْلُوْنَ أُولَئِكَ المَكْبُوْتُوْن
لأنّهُمْ لا يَسْتَنْشقُوْنَ مِثْلِيَ الهَوَاءَ العَكرْ.
~2~
هَذَا اليَوْمُ القَاتِلُ، أَشْرَقَت الشَّمْس؛
مُجرَّد أُنْثَىً هَمَجيَّة تَغْزِلُ خُيُوْطَ شَعْرِهَا الذهَبيّ
لأَسْقُطَ مِنْهَا مَطَرَاً عَصِيَّا.
~3~
يَحِقُّ لي في هَذِهِ الغَصَّةِ المَوْتُ كَثِيرَاً
فَلا فَائِدَةَ منْ كَاتِبَةٍ تَبْتَلِع كَلِمَاتَهَا قَبْلَ أنْ يَسْكُبَهَا الحِبْرُ عَلَى الوَرَقْ
~4~
تَتَجَمَّعُ الأرْوَاحُِ صَاخِبَة، تتَسَاءَلُ بهَمْهَمَة:
"مَا بهَا تَمْتَهِنُ المَوْتَ وَتَبْتَاعُهُ منْ سُوْق البُؤَسَاءِ بأَبْخَسِ الأَثمَانْ؟"
~5~
عَمَّ يَتَسَاءَلُوْن! عَنْ الوَطَنِ الفَقِيدْ؟
أَمْ المَنْفَى التلِيْدْ؟
أَخْبِرُوْني يَا أَنْتُمْ:
كَيْفَ بِإمْكَاني أَنْ أَخْلَعَ عَنِّي مِعْطَفَاً مِن الجِلْدِ الفَاخِرِ الأَسْوَدْ
نَمَتْ عَلَيْهِ طَحَالِبُ الرَّتَابَة؟
مِعْطَفَاً كَسَاني سَوَادُهُ آهَاتٍ أُخَرَ وَكَثِيْرٍ مِن الكِتَابَة.
~6~
الوَقْتُ، آه مِنْهْ! سَاعَتُهُ تَغْتَالُني.
كَيْفَ لي أَنْ أَطْمُسَ عَقَارِبهَا وَأَطْمُرَ رُؤُوْسَ سَحَالِيْهَا في قَاعِ تُرْبَة نَارِيَّة
بِقَلَمٍ مَشْلُوْلِ السَّكْبْ!
~7~
آهٍ، كَمْ هُوَ لَذِيْذٌ المَوْتُ بَعْدَ أَوْطَانٍ مُشَتَّتَةٍ يَحْكُمُهَا صَقِيْعٌ لا يَنْتَهِي وَبَرْدٌ يُصَلِّبُ الأَطرَافَ، يَترُكُني وَحِيْدَةًً في قَبْرٍ مُظْلِمٍ، أَتَشَرْنَقُ بي بَحْثَاً عَنْ الدِّفءْ!
~8~
آهٍ. عِنْدَمَا رَحَلْتْ، عَشِقْتُ بَعْدَكَ كُلَّ الرِّجَالْ، حَتَّى شَيَاطيْنِهِمْ،
أَشْبَاحهُمْ أَضْحَتْ تَظْهَرُ لي في صُوْرَةِ مَلائِكَة
تَرَكْتَ قَلْبِي مَدِيْنَةً لِلمَوْتِ، وَلمْ تَبْتَعِدْ عَنْهَا
بلْ بَقِيتَ في أَرَاضِيْهَا مُخرّباً تَقتُلُ القَلْبَ
وتَذْرِفُ ذَرّاتٍ مِنْ غُبَارِ الهَلاَكِ لتَسْتَثِيْرَ الأرَقَ، فَلا أَنَامْ.
~9~
وآهٍ، رُوْحُكَ لم تُغَادِرْ أَجزَاءَ كِتاَب حَيَاتِي، لم تَسْكُن خَلْفَ الغَيْمْ
أَنَا مُبَعْثَرَةُ المَشِيْئَةِ، وَأَنْتَ كَائِنٌ هُلامِيٌّ سَادِرٌ في مِنْظَارِ الآهْ
تَمْسَحُ بِعَيْنَيْكَ أَشْبَاحَ القَدَرِ المَارِقَةِ أَمَامَ مُضْغَةٍ عَارِيَةً بِزَغَبٍ غَضٍّ هَشّ!
~10~
يَنْهَضُ المَاءُ الآسِنُ
ويمَارِسُ العُبُوْرَ في أَوْرِدَتي المُتَعَفّنَة
يَفْتَحُ شِعْرِي الجَائِعُ فَاهُ قَائِلاً: "مَنْ يُطْعِمُني القَلِيْلَ مِنْ كِسَرِ الحُرُوْفْ؟"
يَنْدَفِقُ البَيَاضُ مِنْ شِرْيَاني، يَأكُلُهُ ليَِحْبَلَ بِرُوْحٍ تَلِدُ قَصِيْدَةً جَدِيْدَة.
~11~
لمْ أَعُدْ السِّرَاجَ الّذِي يُضِيءُ مَعَالِمَ الحَقِيْقَة
تِلْكَ المَلُوْكَةُ بِوِشَاحٍ لا يَعْبُرُهُ الضَّوْءْ
قَرَأْتُ تَعَاوِيْذَ الطُّهْرِ عَلَيْهِ علَّهَا تَظْهَرْ
ظَهَرَت بِصَهيْلٍ اهْتَزَّتْ بِهِ الأَرْضُ، وَرَبَتْ سَلامَاً تَكَسَّرَتْ بِهِ أَجْنِحَةُ الكَذِبْ
عَلَى زَوَايَا فِنْجَانِ قَهْوَةٍ مَكْسُوْرٍ بِيَدِ عَرَّافَةٍ عَجُوْز!
~12~
سَأُقَلِّبُ صَفْحَاتِ الكُتُبْ التي لا زَالَتْ أَنَاكَ تَرْقُدُ فيِْهَا بِوِئَامْ
يَتْبَعُني ظِلِّي مُبَعْثِرَاً الأَوْرَاقْ
يَعُمُّ الهُدُوْءُ أَرْجَاءَ ذَاكِرَتِي المثْقُوْبَة
لِيَجْتَمِعَ ظِلِّي بِبَقَايَا صَوْتِكَ الموْشُوْمْ
فَيُكَوّنَا مَعَاً خَيْمَةً لِذَاتِي الجَدِيْدَة
ضَائِعَةٌ بِمَتَاهَةِ أَبجَدِيَّةٍ مُسْتَحِيْلَة
تُمَارِسُ الغَرَقَ سَهْوَاً في الحُزْنِ المُصَفَّى
فَيَنزَّ قَهْرَاً ذَاكَ المُسَمَّى
في الأَدَبِ شِعْرٍاً مُقَفَّى.
.......
اثْنَا عَشْرَةَ قُصَاصَةَ مَوْتٍ، كَانَتْ هُنَا.
فَقَطْ، لأنِّي حَلُمْتُ يَوْمَاً مَا بِوَطَنْ.
والآنْ، سَأُخَدِّرُني إلى أَنْ يَسْتَفِيْقَ القَمَرُ مِنْ كَيْنُوْنَتِهِْ. وَتمُوْتُ الشَّمْس.
لـ ميادة زعزوع:8lb:
~1~
أَدْرَكْتُ بَعْدَ مَوْتِي كَيْفَ هُمْ مَقْتُوْلُوْنَ أُولَئِكَ المَكْبُوْتُوْن
لأنّهُمْ لا يَسْتَنْشقُوْنَ مِثْلِيَ الهَوَاءَ العَكرْ.
~2~
هَذَا اليَوْمُ القَاتِلُ، أَشْرَقَت الشَّمْس؛
مُجرَّد أُنْثَىً هَمَجيَّة تَغْزِلُ خُيُوْطَ شَعْرِهَا الذهَبيّ
لأَسْقُطَ مِنْهَا مَطَرَاً عَصِيَّا.
~3~
يَحِقُّ لي في هَذِهِ الغَصَّةِ المَوْتُ كَثِيرَاً
فَلا فَائِدَةَ منْ كَاتِبَةٍ تَبْتَلِع كَلِمَاتَهَا قَبْلَ أنْ يَسْكُبَهَا الحِبْرُ عَلَى الوَرَقْ
~4~
تَتَجَمَّعُ الأرْوَاحُِ صَاخِبَة، تتَسَاءَلُ بهَمْهَمَة:
"مَا بهَا تَمْتَهِنُ المَوْتَ وَتَبْتَاعُهُ منْ سُوْق البُؤَسَاءِ بأَبْخَسِ الأَثمَانْ؟"
~5~
عَمَّ يَتَسَاءَلُوْن! عَنْ الوَطَنِ الفَقِيدْ؟
أَمْ المَنْفَى التلِيْدْ؟
أَخْبِرُوْني يَا أَنْتُمْ:
كَيْفَ بِإمْكَاني أَنْ أَخْلَعَ عَنِّي مِعْطَفَاً مِن الجِلْدِ الفَاخِرِ الأَسْوَدْ
نَمَتْ عَلَيْهِ طَحَالِبُ الرَّتَابَة؟
مِعْطَفَاً كَسَاني سَوَادُهُ آهَاتٍ أُخَرَ وَكَثِيْرٍ مِن الكِتَابَة.
~6~
الوَقْتُ، آه مِنْهْ! سَاعَتُهُ تَغْتَالُني.
كَيْفَ لي أَنْ أَطْمُسَ عَقَارِبهَا وَأَطْمُرَ رُؤُوْسَ سَحَالِيْهَا في قَاعِ تُرْبَة نَارِيَّة
بِقَلَمٍ مَشْلُوْلِ السَّكْبْ!
~7~
آهٍ، كَمْ هُوَ لَذِيْذٌ المَوْتُ بَعْدَ أَوْطَانٍ مُشَتَّتَةٍ يَحْكُمُهَا صَقِيْعٌ لا يَنْتَهِي وَبَرْدٌ يُصَلِّبُ الأَطرَافَ، يَترُكُني وَحِيْدَةًً في قَبْرٍ مُظْلِمٍ، أَتَشَرْنَقُ بي بَحْثَاً عَنْ الدِّفءْ!
~8~
آهٍ. عِنْدَمَا رَحَلْتْ، عَشِقْتُ بَعْدَكَ كُلَّ الرِّجَالْ، حَتَّى شَيَاطيْنِهِمْ،
أَشْبَاحهُمْ أَضْحَتْ تَظْهَرُ لي في صُوْرَةِ مَلائِكَة
تَرَكْتَ قَلْبِي مَدِيْنَةً لِلمَوْتِ، وَلمْ تَبْتَعِدْ عَنْهَا
بلْ بَقِيتَ في أَرَاضِيْهَا مُخرّباً تَقتُلُ القَلْبَ
وتَذْرِفُ ذَرّاتٍ مِنْ غُبَارِ الهَلاَكِ لتَسْتَثِيْرَ الأرَقَ، فَلا أَنَامْ.
~9~
وآهٍ، رُوْحُكَ لم تُغَادِرْ أَجزَاءَ كِتاَب حَيَاتِي، لم تَسْكُن خَلْفَ الغَيْمْ
أَنَا مُبَعْثَرَةُ المَشِيْئَةِ، وَأَنْتَ كَائِنٌ هُلامِيٌّ سَادِرٌ في مِنْظَارِ الآهْ
تَمْسَحُ بِعَيْنَيْكَ أَشْبَاحَ القَدَرِ المَارِقَةِ أَمَامَ مُضْغَةٍ عَارِيَةً بِزَغَبٍ غَضٍّ هَشّ!
~10~
يَنْهَضُ المَاءُ الآسِنُ
ويمَارِسُ العُبُوْرَ في أَوْرِدَتي المُتَعَفّنَة
يَفْتَحُ شِعْرِي الجَائِعُ فَاهُ قَائِلاً: "مَنْ يُطْعِمُني القَلِيْلَ مِنْ كِسَرِ الحُرُوْفْ؟"
يَنْدَفِقُ البَيَاضُ مِنْ شِرْيَاني، يَأكُلُهُ ليَِحْبَلَ بِرُوْحٍ تَلِدُ قَصِيْدَةً جَدِيْدَة.
~11~
لمْ أَعُدْ السِّرَاجَ الّذِي يُضِيءُ مَعَالِمَ الحَقِيْقَة
تِلْكَ المَلُوْكَةُ بِوِشَاحٍ لا يَعْبُرُهُ الضَّوْءْ
قَرَأْتُ تَعَاوِيْذَ الطُّهْرِ عَلَيْهِ علَّهَا تَظْهَرْ
ظَهَرَت بِصَهيْلٍ اهْتَزَّتْ بِهِ الأَرْضُ، وَرَبَتْ سَلامَاً تَكَسَّرَتْ بِهِ أَجْنِحَةُ الكَذِبْ
عَلَى زَوَايَا فِنْجَانِ قَهْوَةٍ مَكْسُوْرٍ بِيَدِ عَرَّافَةٍ عَجُوْز!
~12~
سَأُقَلِّبُ صَفْحَاتِ الكُتُبْ التي لا زَالَتْ أَنَاكَ تَرْقُدُ فيِْهَا بِوِئَامْ
يَتْبَعُني ظِلِّي مُبَعْثِرَاً الأَوْرَاقْ
يَعُمُّ الهُدُوْءُ أَرْجَاءَ ذَاكِرَتِي المثْقُوْبَة
لِيَجْتَمِعَ ظِلِّي بِبَقَايَا صَوْتِكَ الموْشُوْمْ
فَيُكَوّنَا مَعَاً خَيْمَةً لِذَاتِي الجَدِيْدَة
ضَائِعَةٌ بِمَتَاهَةِ أَبجَدِيَّةٍ مُسْتَحِيْلَة
تُمَارِسُ الغَرَقَ سَهْوَاً في الحُزْنِ المُصَفَّى
فَيَنزَّ قَهْرَاً ذَاكَ المُسَمَّى
في الأَدَبِ شِعْرٍاً مُقَفَّى.
.......
اثْنَا عَشْرَةَ قُصَاصَةَ مَوْتٍ، كَانَتْ هُنَا.
فَقَطْ، لأنِّي حَلُمْتُ يَوْمَاً مَا بِوَطَنْ.
والآنْ، سَأُخَدِّرُني إلى أَنْ يَسْتَفِيْقَ القَمَرُ مِنْ كَيْنُوْنَتِهِْ. وَتمُوْتُ الشَّمْس.
لـ ميادة زعزوع:8lb: