سلطان الزين
07-14-2010, 01:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
احدهم يقول.....
اجل ،خلق الإنسان ليحقق غايات عظمى من وجوده على سطح الكون ، وان كانت القضية أن يأكل ويشرب ويتناسل، فهو بهذا لن يختلف عن كثير من السوائم والانعام، لذا، هناك قضية كبرى . (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 )
وجاء في التلمود: يقوم العالم على ثلاثة أشياء:
على المعرفة والعبادة والإحسان .فهو يعتبر ان "العبادة" ركيزة من الركائز التي يقوم عليها العالم، ولهذا قالوا الصلاة سلاح إسرائيل .هذه تصورات الأعداء ،، ومع هذا لم يقتنع العلمانيين العرب أن الدين الإسلامي ركيزة النهوض.
أما بالنسبة للمعرفة فقد جعل المصطفى طلب العلم فريضة، وقال اطلبوا العلم ولو في الصين.. ولقد جاء في احد الأفلام الأمريكية" المعرفة هي القوة، اعرف ماهية العالم ".
كان ينظر الإنسان منذ بدء الخليقة إلى السماء وثمة إرهاصات وهواجس من الفلاسفة في قضية الماورائيات. لم تقطع لديه الشك باليقين.. وظلت السماء لغزا..
حتى الإسراء والمعراج، وأعطانا المصطفى الكريم الوصف التفصيلي لواقع السماء.
اجل لقد نزلت من السماء الكتب. ونزلت رسل السماء من الملائكة إلى الصفوة من البشر. الأنبياء يحملون كلام الله تعالى وأوامره ونواهيه إلى البشر كي يرتقوا بالإنسان ويرفعوه إلى سماوات مجدهم. قال الأستاذ ميخائيل عيد "أتي الأنبياء إلى البشر ليرفعوهم إلى سماواتهم ولكن البشر أنزلوهم إلى الأرض. ولم يأخذوا إلا القليل وطمسوا وضيعوا الكثير ".كانت قضية الأنبياء هي الارتقاء بالإنسان .وقال الشاعر:
وشرعة الحر ان يسموا وان هبطت-- رغائب دنياه فالأشراف من سمقواوقال عيسى عليه السلام " ليس بالخبز يحيا الإنسان" فالإنسان بعد مجيء الأنبياء ثمة معايير أخرى لقياس الأشياء والحكم على الامور، بمعايير السماء وليس معايير الفلاسفة والحكماء..فقد جاء في التوارة " كلمات في فمك خير من آلاف الذهب والفضة " من هنا لا قيمة للذهب والفضة حينما تقاس بكلمات نمجّد ونعّظم بها الله تعالى..وقال تعالى :
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت : 33 )...
وكان معيار التقوى مقياسا هاما:
: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص : 83 )...
أي ليس الأمر للعلو والفساد -العاقبة للمتقين وليست للمجرمين.ارتقى العرب حينما طبقوا معايير وشريعة السماء على سطح الأرض. وحكموا العالم بناء على التقوى. ومفاهيم غير المعايير المادية والتنصل من قوانين السماء كما هو الواقع المعاصر.وتفتق يومها الواقع الإسلامي المذعن لله والمسلم لله إلى أن انتهت أزّمة قيادة البشرية إليهم..
ليصرّفوها بالعدل وفي طاعة الله.. وما أن حادت عن الطريق.. تخلفت عن الركب. فالله تعالى يمّكن للدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يمّكن للدولة الظالمة وان كانت مسلمة.فميزان السماء هو العدل، وبالعدل قامت السماوات والأرض.. وهي المهمة الأساسية للرسل. أن يقوم الناس بالقسط. وضعنا الحالي.. كما قال ابو الدراداء في قبرص "
ما أهون الخلق على الله إذا ضيعوا أمره..
بمعنى انها إذا ضيعت الأمة أمر الله، سلط الله عليها السبي، وإذا سلط الله السبي، لم يعد لله فيهم حاجة.. بمعنى أن لا قيمة لها في موازين السماء ولاثمة مبرر لوجودها..قيل انه يأتي بالرجل العظيم السمين فلا يزن يوم القيامة جناح بعوضة.قال تعالى
( فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف : 105)...
تابعت آراء المفكرين الغربيين نحو الحضارة الغربية. وكانت تتقارب نحو مضمون واحد هو البحث عن منهج مختلف.. يقول "ودرو ويلسون" لنختصر الأمر في هذا القول: أن حضارتنا لا يمكن أن تستمر ماديا مالم تعدل روحيا "
The sum of the whole matter is this, that our civilization cannot survive materially unless it be redeemed spiritually." —Woodrow Wilson
And the wind shall say "Here were decent godless people; Their only monument the asphalt road, And a thousand lost golf balls."
~T.S. Eliot
وهو ما قاله ت اس اليوت .. وستقول الريح : كان هناك شعوب "كافرة" نصبهم التذكاري الوحيد طريق الإسفلت وآلاف من كرات الغولف الضائعة.
قال البرت أينشتاين "نحتاج بشكل جذري إلى نوع جديد من الفكر إذا أرادت البشرية ان تستمر الحياة .":
We shall require a substantially new manner of thinking if mankind is to survive. ~Albert Einstein
هناك معايير تحكم الأرض ترتكز على " تقوى الله" ليس بمعنى أن تختلف مع إنسان ما ان تستعمل كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتدمير.. انه بدون كوابح من تقوى، فلن يستمر العالم، لان واقع الأرض سيكون غابة لا تحتمل حال اذا أطلق للإنسان العنان بدون كوابح من تقوى، فان الوضع كارثي. كما رأيناه في هيروشيما ونجازاكي او العراق على مدى العشرين يوما الأولى من الغزو الأمريكي.ان يسقط القنبلة على الأرض. دون أن يعبأ إذا كان هناك طفل صغير يركض خلف فراشه.وقال توماس كارليل: الحضارة فقط غلاف والذي مازالت تنفجر من خلاله الطبيعة الوحشية للإنسان الدنيئة دوما..
Is man's civilization only a wrappage, through which the savage nature of him can still burst, infernal as ever? ~Thomas Carlyle, The French Revolution, vol III, book V, chapter 7.
إذا كان الإنسان يسير بلا تقوى فانه يحث الخطى نحو الكارثة وهذا الوضع العالمي من الانحدار الأخلاقي والإباحية، لم يرتق بالإنسان، وانحدرت إنسانيا، لا تحترم السماء، ولا تخشى الله.. ولا يرجون لله وقارا، اذا لابد أن يحترم الإنسان نفسه.. ولن يحترم الإنسان ولن يعرف الغاية من الوجود إلا إذا نظر إلى السماء ووقف تبعا لما نصت عليه كتب السماء ووحي الأنبياء. وان يتوقف عند ما نهت عنه كتب السماء وما نهى عنه الانبياء.. مهما كانت عوامل الخداع والاستدراج.. أو الركون إلى القوة في بعض الاحيان.
قال تعالى (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) (فاطر : 44 )..
فالإنسان إذا انتهى به الهوى والشيطان إلى عبادة الدولار والدينار والشيطان ورأس المال تحول من الذروة إلى المنحدر.المبادئ أمر هام ولهذا لن تستقيم مبادئ الغرب مع مبادئ العالم الإسلامي المنزلة من السماء..
فنحن في واد وهم في واد آخر.أساء رجل إلى أبي ذر فقال ابو ذر "نحن لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه". شتم رجل أعرابي وعيّره بعيوب فيه، فقالوا له لم لا ترد عليه، فقال الأعرابي، لا اعرف له عيوب فخشيت ان أبهته.
أي أصفه بما ليس فيه يهتانا.الله هو الأساس في المعاملات والعبادات. والحركة في الحياة. وصلب الأمور في الواقع البشري .وان تقواه مصدر الارتقاء..
جاء في مجلة الحوادث ان طالبه جامعية وضعت صورة مفبركة. للدكتورة التي تدرس لها على الشبكة وذيلتها بكلمات توحي أنها امرأة ساقطة ذلك لان الطالبة أرادت الانتقام منها لأنها ضبطتها وهي تغش.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فالإنسان ليس له قيمة اعتبارية إلا بالمبادئ التي يعيش من اجلها.. وكذا يموت، المباديء لا يمكن التنصل منها تحت أمور الحاجة والعوز والفاقة او تحت أي مبررات، أي ان يبيع مبادئه لمن يدفع ويبيع ضميره وأخلاقه لمن يشتري, أو يترك دينه مقابل صفقة ماديه. هناك أشياء في الوجود ليست قابلة للبيع والشراء.ندرك ان هناك مؤامرة.. اذا اقتصر الإنسان في حياته على دائرة الخبز ومحاولة من الكدح المتواصل نظرا لعدم تواجده. كي ينحصر جهده في دائرة كفلها الله له ولعامة الكائنات من دواب وطير. فيجعلها الاستبداد مستحيلة جراء التجويع من اجل التطويع فهنا جريمة يقترفها الاستبداد في إقصاء الإنسان عن الدائرة الأهم.
واهيمتها لأنها بها تحديدا تتحقق بها القيمة العليا للإنسان والتي بها يمضي الإنسان بنفسه إلى قمة نفسه. الإنسان بالمبادئ هو كيان وحيثية فلا يمكن أن يعيش الإنسان بلا شرف وبلا أمانة وبلا كرامة وبلا أخلاق وكل هذه الأمور مصدرها الأساسي هو الدين.قد يعيش الانسان للمباديء ودائرة اكبر من اهتماماته الصغيرة فيصعب عليه الموازنات..
الا انه احيانا بل قطعا يقع في دائرة الاتهام ممن قّصر في حقهم فيمن يخص الدائرة القليلة المسئول عنها.. مثل ابنائه...
كأن يقف ابنك الصغير. ويقول لك انا ذاهب للعمل غدا.. فتفيق على هول الصدمة.. يا بني أما كان أن تنتظر قليلا حتى يشتد عودك.. تخنقك الغصة وتفر من عينك الدمعة..
وتناشده ما زال الوقت بدري لتحمل أعباء الايام وعركة الحياة. مازال كاهلك ضعيف.. حتى تتحمل قسوة الأيام..تستشعر الحسرة ان تجد ابناءك، لم ينالوا منك الوقت الكافي،والاهتمام .. بينما من عاشوا بدون مباديء.. حققوا لابناءهم مالم تحققه انت..
انها نفس المساحة التي وقف عندها.. محمد جلال عبد القوي في حضرة المتهم ابي.اعتقد ان هناك دولاً لم تتأثر بفكر العولمة، فهي ليست لها أسس أو مرتكزات مسبقة من المبادئ كي تحتفظ بها، أو أنها تلتقي مع الغرب حتى النخاع، ولم يأت الغرب لها بجديد أكثر مما هو كائن عندها, فهناك الدول أو المدن الساحلية في أوربا أو أسفل المتوسط قد تكون مؤهلة لاستقبال العولمة. ولكن المؤلم أن يكون هناك مجتمع مسلم ويتنصل من منظومته الأخلاقية....ان السياق الطبيعي والمتداول منذ القدم، أن يتعلم الإنسان ويكتسب خبرات ويؤهل نفسه علميا واحترافيا، لكي يوظف خبراته العلمية للعمل الشريف عند الآخرين مقابل مبلغ مادي شهريا، على أسس من الأمانة والشرف وليس أن يوظف خبرات اللصوصية في الانقضاض والاختلاس والسطو على مال الآخرين..ان الوضع يقتضي أن نؤهل المهندس المسلم والطبيب المسلم والصحفي المسلم على أسس من الأمانة وإلا فالنضع قسم في كليات التجارة والطب والاعلام كيف يتم النصب والسرقة والاختلاس والتلفيق والتدليس.نعم هناك ثمة خطأ..
وقد يذهب إنسان بخبراته إلى الخليج ولا يرجع بمال. اجل هذا رزقه وهذه اقدار الله وهذا ليس عيب. ولكن العار أن يكون الإنسان لصا..!! قال الإمام علي من أكل لقمة حرام لم تقبل منه صلاة أربعين يوما.. وكل جسد بنت من حرام فالنار أولى به. واللقمة تنبت اللحم....لا عيب أيها السادة أن يكون الإنسان فقيرا معدما.. ولكن العيب أن يكون لصا.قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون : 12-13-14 )..
انها المبادئ هي التي جعلت الحسين ثائرا. وهي التي جعل مصعب يستشهد محتضنا اللواء.. والمبادئ هي التي جعلت خالد يشهر السيف في وجوه العالمين. بالمبادئ يرتقي الإنسان، ويرتفع إلى الذروة. وبدون مبادئ. ليت أمه لم تلده. هناك مثل في بلاد اليمن يقال لمن لا يؤدي الدور المناط به في الوجود على خير وجه. ياليت أمك جحدتك...
أي يا ليت أمه أنزلته سقاطا ومات قبل أن يكتمل النمو.. كما مر في نظرية الخلق التي صورها القران. هناك بالمبادئ المرتكزة على العقيدة تتحقق القيمة المثلى للإنسان، فالإنسان ليس حيوان ناطق كما قال الغرب.. والإنسان بمباديء السماء يسمو ويرتقي.. والإنسان المؤمن عند الله عظيم القدر.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء : 70 )...فالله قد اغرق الكون بطوفان ..من اجل حفنة مؤمنه قليلة .آمنت مع نوح ..قال تعالى : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ) (هود : 40 )..
وهذا التكريم للإنسان لابد أن ُيتلقى من قبل الإنسان بالتقدير وأن يكون عند حسن ظن الله به بهذا التكريم.
ولا يكون كمن قال الله فيهم:(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف : 179 )...أي لا قلوب ولا أعين ولا أذان.
أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ.بل أضل ..
إن إنسان بدون مبادئ.. ماهو إلا أشياء أخرى وليس كانسان.. انه دم أو سقاط لم يكتمل كخلق أو نوع من الإفرازات كريهة الرائحة ، لا يمكن أن نضعه ضمن المعايير المتداولة كانسان.. لأنه لم يحقق الدور المناط به من تكريم الله له.
قال دعبل الخزاعي:
إذا أهان امرؤ نفسه فلا أكرم الله من أكرمه.......والله من وراءالقصد.......
احدهم يقول.....
اجل ،خلق الإنسان ليحقق غايات عظمى من وجوده على سطح الكون ، وان كانت القضية أن يأكل ويشرب ويتناسل، فهو بهذا لن يختلف عن كثير من السوائم والانعام، لذا، هناك قضية كبرى . (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات : 56 )
وجاء في التلمود: يقوم العالم على ثلاثة أشياء:
على المعرفة والعبادة والإحسان .فهو يعتبر ان "العبادة" ركيزة من الركائز التي يقوم عليها العالم، ولهذا قالوا الصلاة سلاح إسرائيل .هذه تصورات الأعداء ،، ومع هذا لم يقتنع العلمانيين العرب أن الدين الإسلامي ركيزة النهوض.
أما بالنسبة للمعرفة فقد جعل المصطفى طلب العلم فريضة، وقال اطلبوا العلم ولو في الصين.. ولقد جاء في احد الأفلام الأمريكية" المعرفة هي القوة، اعرف ماهية العالم ".
كان ينظر الإنسان منذ بدء الخليقة إلى السماء وثمة إرهاصات وهواجس من الفلاسفة في قضية الماورائيات. لم تقطع لديه الشك باليقين.. وظلت السماء لغزا..
حتى الإسراء والمعراج، وأعطانا المصطفى الكريم الوصف التفصيلي لواقع السماء.
اجل لقد نزلت من السماء الكتب. ونزلت رسل السماء من الملائكة إلى الصفوة من البشر. الأنبياء يحملون كلام الله تعالى وأوامره ونواهيه إلى البشر كي يرتقوا بالإنسان ويرفعوه إلى سماوات مجدهم. قال الأستاذ ميخائيل عيد "أتي الأنبياء إلى البشر ليرفعوهم إلى سماواتهم ولكن البشر أنزلوهم إلى الأرض. ولم يأخذوا إلا القليل وطمسوا وضيعوا الكثير ".كانت قضية الأنبياء هي الارتقاء بالإنسان .وقال الشاعر:
وشرعة الحر ان يسموا وان هبطت-- رغائب دنياه فالأشراف من سمقواوقال عيسى عليه السلام " ليس بالخبز يحيا الإنسان" فالإنسان بعد مجيء الأنبياء ثمة معايير أخرى لقياس الأشياء والحكم على الامور، بمعايير السماء وليس معايير الفلاسفة والحكماء..فقد جاء في التوارة " كلمات في فمك خير من آلاف الذهب والفضة " من هنا لا قيمة للذهب والفضة حينما تقاس بكلمات نمجّد ونعّظم بها الله تعالى..وقال تعالى :
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت : 33 )...
وكان معيار التقوى مقياسا هاما:
: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص : 83 )...
أي ليس الأمر للعلو والفساد -العاقبة للمتقين وليست للمجرمين.ارتقى العرب حينما طبقوا معايير وشريعة السماء على سطح الأرض. وحكموا العالم بناء على التقوى. ومفاهيم غير المعايير المادية والتنصل من قوانين السماء كما هو الواقع المعاصر.وتفتق يومها الواقع الإسلامي المذعن لله والمسلم لله إلى أن انتهت أزّمة قيادة البشرية إليهم..
ليصرّفوها بالعدل وفي طاعة الله.. وما أن حادت عن الطريق.. تخلفت عن الركب. فالله تعالى يمّكن للدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يمّكن للدولة الظالمة وان كانت مسلمة.فميزان السماء هو العدل، وبالعدل قامت السماوات والأرض.. وهي المهمة الأساسية للرسل. أن يقوم الناس بالقسط. وضعنا الحالي.. كما قال ابو الدراداء في قبرص "
ما أهون الخلق على الله إذا ضيعوا أمره..
بمعنى انها إذا ضيعت الأمة أمر الله، سلط الله عليها السبي، وإذا سلط الله السبي، لم يعد لله فيهم حاجة.. بمعنى أن لا قيمة لها في موازين السماء ولاثمة مبرر لوجودها..قيل انه يأتي بالرجل العظيم السمين فلا يزن يوم القيامة جناح بعوضة.قال تعالى
( فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف : 105)...
تابعت آراء المفكرين الغربيين نحو الحضارة الغربية. وكانت تتقارب نحو مضمون واحد هو البحث عن منهج مختلف.. يقول "ودرو ويلسون" لنختصر الأمر في هذا القول: أن حضارتنا لا يمكن أن تستمر ماديا مالم تعدل روحيا "
The sum of the whole matter is this, that our civilization cannot survive materially unless it be redeemed spiritually." —Woodrow Wilson
And the wind shall say "Here were decent godless people; Their only monument the asphalt road, And a thousand lost golf balls."
~T.S. Eliot
وهو ما قاله ت اس اليوت .. وستقول الريح : كان هناك شعوب "كافرة" نصبهم التذكاري الوحيد طريق الإسفلت وآلاف من كرات الغولف الضائعة.
قال البرت أينشتاين "نحتاج بشكل جذري إلى نوع جديد من الفكر إذا أرادت البشرية ان تستمر الحياة .":
We shall require a substantially new manner of thinking if mankind is to survive. ~Albert Einstein
هناك معايير تحكم الأرض ترتكز على " تقوى الله" ليس بمعنى أن تختلف مع إنسان ما ان تستعمل كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتدمير.. انه بدون كوابح من تقوى، فلن يستمر العالم، لان واقع الأرض سيكون غابة لا تحتمل حال اذا أطلق للإنسان العنان بدون كوابح من تقوى، فان الوضع كارثي. كما رأيناه في هيروشيما ونجازاكي او العراق على مدى العشرين يوما الأولى من الغزو الأمريكي.ان يسقط القنبلة على الأرض. دون أن يعبأ إذا كان هناك طفل صغير يركض خلف فراشه.وقال توماس كارليل: الحضارة فقط غلاف والذي مازالت تنفجر من خلاله الطبيعة الوحشية للإنسان الدنيئة دوما..
Is man's civilization only a wrappage, through which the savage nature of him can still burst, infernal as ever? ~Thomas Carlyle, The French Revolution, vol III, book V, chapter 7.
إذا كان الإنسان يسير بلا تقوى فانه يحث الخطى نحو الكارثة وهذا الوضع العالمي من الانحدار الأخلاقي والإباحية، لم يرتق بالإنسان، وانحدرت إنسانيا، لا تحترم السماء، ولا تخشى الله.. ولا يرجون لله وقارا، اذا لابد أن يحترم الإنسان نفسه.. ولن يحترم الإنسان ولن يعرف الغاية من الوجود إلا إذا نظر إلى السماء ووقف تبعا لما نصت عليه كتب السماء ووحي الأنبياء. وان يتوقف عند ما نهت عنه كتب السماء وما نهى عنه الانبياء.. مهما كانت عوامل الخداع والاستدراج.. أو الركون إلى القوة في بعض الاحيان.
قال تعالى (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) (فاطر : 44 )..
فالإنسان إذا انتهى به الهوى والشيطان إلى عبادة الدولار والدينار والشيطان ورأس المال تحول من الذروة إلى المنحدر.المبادئ أمر هام ولهذا لن تستقيم مبادئ الغرب مع مبادئ العالم الإسلامي المنزلة من السماء..
فنحن في واد وهم في واد آخر.أساء رجل إلى أبي ذر فقال ابو ذر "نحن لا نكافيء من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه". شتم رجل أعرابي وعيّره بعيوب فيه، فقالوا له لم لا ترد عليه، فقال الأعرابي، لا اعرف له عيوب فخشيت ان أبهته.
أي أصفه بما ليس فيه يهتانا.الله هو الأساس في المعاملات والعبادات. والحركة في الحياة. وصلب الأمور في الواقع البشري .وان تقواه مصدر الارتقاء..
جاء في مجلة الحوادث ان طالبه جامعية وضعت صورة مفبركة. للدكتورة التي تدرس لها على الشبكة وذيلتها بكلمات توحي أنها امرأة ساقطة ذلك لان الطالبة أرادت الانتقام منها لأنها ضبطتها وهي تغش.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فالإنسان ليس له قيمة اعتبارية إلا بالمبادئ التي يعيش من اجلها.. وكذا يموت، المباديء لا يمكن التنصل منها تحت أمور الحاجة والعوز والفاقة او تحت أي مبررات، أي ان يبيع مبادئه لمن يدفع ويبيع ضميره وأخلاقه لمن يشتري, أو يترك دينه مقابل صفقة ماديه. هناك أشياء في الوجود ليست قابلة للبيع والشراء.ندرك ان هناك مؤامرة.. اذا اقتصر الإنسان في حياته على دائرة الخبز ومحاولة من الكدح المتواصل نظرا لعدم تواجده. كي ينحصر جهده في دائرة كفلها الله له ولعامة الكائنات من دواب وطير. فيجعلها الاستبداد مستحيلة جراء التجويع من اجل التطويع فهنا جريمة يقترفها الاستبداد في إقصاء الإنسان عن الدائرة الأهم.
واهيمتها لأنها بها تحديدا تتحقق بها القيمة العليا للإنسان والتي بها يمضي الإنسان بنفسه إلى قمة نفسه. الإنسان بالمبادئ هو كيان وحيثية فلا يمكن أن يعيش الإنسان بلا شرف وبلا أمانة وبلا كرامة وبلا أخلاق وكل هذه الأمور مصدرها الأساسي هو الدين.قد يعيش الانسان للمباديء ودائرة اكبر من اهتماماته الصغيرة فيصعب عليه الموازنات..
الا انه احيانا بل قطعا يقع في دائرة الاتهام ممن قّصر في حقهم فيمن يخص الدائرة القليلة المسئول عنها.. مثل ابنائه...
كأن يقف ابنك الصغير. ويقول لك انا ذاهب للعمل غدا.. فتفيق على هول الصدمة.. يا بني أما كان أن تنتظر قليلا حتى يشتد عودك.. تخنقك الغصة وتفر من عينك الدمعة..
وتناشده ما زال الوقت بدري لتحمل أعباء الايام وعركة الحياة. مازال كاهلك ضعيف.. حتى تتحمل قسوة الأيام..تستشعر الحسرة ان تجد ابناءك، لم ينالوا منك الوقت الكافي،والاهتمام .. بينما من عاشوا بدون مباديء.. حققوا لابناءهم مالم تحققه انت..
انها نفس المساحة التي وقف عندها.. محمد جلال عبد القوي في حضرة المتهم ابي.اعتقد ان هناك دولاً لم تتأثر بفكر العولمة، فهي ليست لها أسس أو مرتكزات مسبقة من المبادئ كي تحتفظ بها، أو أنها تلتقي مع الغرب حتى النخاع، ولم يأت الغرب لها بجديد أكثر مما هو كائن عندها, فهناك الدول أو المدن الساحلية في أوربا أو أسفل المتوسط قد تكون مؤهلة لاستقبال العولمة. ولكن المؤلم أن يكون هناك مجتمع مسلم ويتنصل من منظومته الأخلاقية....ان السياق الطبيعي والمتداول منذ القدم، أن يتعلم الإنسان ويكتسب خبرات ويؤهل نفسه علميا واحترافيا، لكي يوظف خبراته العلمية للعمل الشريف عند الآخرين مقابل مبلغ مادي شهريا، على أسس من الأمانة والشرف وليس أن يوظف خبرات اللصوصية في الانقضاض والاختلاس والسطو على مال الآخرين..ان الوضع يقتضي أن نؤهل المهندس المسلم والطبيب المسلم والصحفي المسلم على أسس من الأمانة وإلا فالنضع قسم في كليات التجارة والطب والاعلام كيف يتم النصب والسرقة والاختلاس والتلفيق والتدليس.نعم هناك ثمة خطأ..
وقد يذهب إنسان بخبراته إلى الخليج ولا يرجع بمال. اجل هذا رزقه وهذه اقدار الله وهذا ليس عيب. ولكن العار أن يكون الإنسان لصا..!! قال الإمام علي من أكل لقمة حرام لم تقبل منه صلاة أربعين يوما.. وكل جسد بنت من حرام فالنار أولى به. واللقمة تنبت اللحم....لا عيب أيها السادة أن يكون الإنسان فقيرا معدما.. ولكن العيب أن يكون لصا.قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون : 12-13-14 )..
انها المبادئ هي التي جعلت الحسين ثائرا. وهي التي جعل مصعب يستشهد محتضنا اللواء.. والمبادئ هي التي جعلت خالد يشهر السيف في وجوه العالمين. بالمبادئ يرتقي الإنسان، ويرتفع إلى الذروة. وبدون مبادئ. ليت أمه لم تلده. هناك مثل في بلاد اليمن يقال لمن لا يؤدي الدور المناط به في الوجود على خير وجه. ياليت أمك جحدتك...
أي يا ليت أمه أنزلته سقاطا ومات قبل أن يكتمل النمو.. كما مر في نظرية الخلق التي صورها القران. هناك بالمبادئ المرتكزة على العقيدة تتحقق القيمة المثلى للإنسان، فالإنسان ليس حيوان ناطق كما قال الغرب.. والإنسان بمباديء السماء يسمو ويرتقي.. والإنسان المؤمن عند الله عظيم القدر.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء : 70 )...فالله قد اغرق الكون بطوفان ..من اجل حفنة مؤمنه قليلة .آمنت مع نوح ..قال تعالى : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ) (هود : 40 )..
وهذا التكريم للإنسان لابد أن ُيتلقى من قبل الإنسان بالتقدير وأن يكون عند حسن ظن الله به بهذا التكريم.
ولا يكون كمن قال الله فيهم:(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف : 179 )...أي لا قلوب ولا أعين ولا أذان.
أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ.بل أضل ..
إن إنسان بدون مبادئ.. ماهو إلا أشياء أخرى وليس كانسان.. انه دم أو سقاط لم يكتمل كخلق أو نوع من الإفرازات كريهة الرائحة ، لا يمكن أن نضعه ضمن المعايير المتداولة كانسان.. لأنه لم يحقق الدور المناط به من تكريم الله له.
قال دعبل الخزاعي:
إذا أهان امرؤ نفسه فلا أكرم الله من أكرمه.......والله من وراءالقصد.......