سليمان صفوق
08-20-2010, 12:56 AM
وليعفوا وليصفحوا
كان مِسطَح بن أثاثة – رضي الله عنه ـ قريباً لأبي بكر الصديق رضي الله عنه , فهو ابن خالته, وكان مسطح مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنهما، وكان الصديق رضي الله عنه معروفًا بالمعروف، له الفضل والأيادي على القريب وغيرالقريب ,
وقد خاض مسطح رضي الله عنه مع من خاض في حادثة الإفك , فقال أبو بكر الصديق وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة , فأنزل الله تعالى :
"وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
قال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي , فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه, وقال : والله لا أنزعها عنه أبدا .
( والقصة في الصحيحين)
لك أن تتخيل ـ عزيزي القارئ الكريم ـ حجم الضرر النفسي , الذي يمكن أن يلحق بك حينما تأتيك الأذية من قريب كنت له محسناً , وعليه منفقاً , وليست هذه الأذية بالأمر الهين , بل كانت الأذية قذفاً للعرض الطاهر , واتهاماً
بالفاحشة لابنتك التي لم تقترفه البتة , بل ولم يخطر لها ببال !!
هذا الأذى النفسي ـ وفوقه بمراحل ـ قد تعرض له الصديق رضي الله عنه من قريبه مسطح ـ رضي الله عنه ـ فقرر أبو بكر رضي الله عنه قطع النفقة التي كان يعطيها لقريبه , كردة فعل طبيعية لهذه الصدمة النفسية !!
فهل أيد الله سبحانه أبا بكر على صنيعه هذا ؟!
الجواب : لا , بل نهاه الله تعالى عن الحلف على قطع النفقة , فقال سبحانه :
"ولا يأتل" : أي لا يحلف , بل أرشده الله سبحانه إلى ما هو أنفع وأفضل , وأمره بالعفو والصفح مهما حصل من ضرر , ووعده بالمغفرة والعفو جزاءً من جنس العمل .
قال ابن كثير رحمه الله :" فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك , فعند ذلك قال الصديق: بلى، والله إنا نحب -يا ربنا -أن تغفر لنا ,ثم رَجَع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا ، في مقابلة ما كان قال: والله لا أنفعه بنافعة أبدًا ، فلهذا كان الصدّيق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته" أ.هـ
وقال ابن سعدي رحمه الله في تفسيره :" وفي هذه الآية دليل على النفقة على القريب، وأنه لا تترك النفقة والإحسان بمعصية الإنسان، والحث على العفو والصفح، ولو جرى عليه ما جرى من أهل الجرائم"
ما أحوجنا أن نتدبر هذه الآية وغيرها ـ ولا سيما في هذه الأيام _ التي كثرت فيها الصراعات القبلية , والخلافات العائلية , بسبب كلمة عابرة , أو لدنيا فانية , فلا أعتقد أن سبب تلك المشاحنات والخلافات , يمكن أن يكون بحجم ما لحق أبا بكر من ضرر !!
إنها دعوة من الله سبحانه إلى النفوس المشحونة بالأذية ـ مهما كان حجمها ـ إلى العفو والصفح , وتجاوز الهفوات والزلات , وفتح صفحة جديدة من الود والإخاء , ولا سيما ونحن في شهر الخير والعفو والغفران , وننتظر مناسبة عيد الفطر المبارك ,
وربما ذكرك الشيطان بما حصل لك من الأذى والضرر , وحاول أن يعظمه في نفسك , فتذكر قول البارئ جل شآنه " ألا تحبون أن يغفر الله لكم "
إن الصفح والعفو عن المسئ عمل جليل القدر عند الله سبحانه وتعالى , والنفوس الزكية الشريفة تعفو وتصفح مهما لحقها من الأذى , كيف وقد وعد الله من فعل ذلك بالمغفرة منه سبحانه .
وصدق من قال :
..{ لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ أرحت نفسي من هم العداواتِ }..
أخوكم
سليمان صفوق العنزي
/
كان مِسطَح بن أثاثة – رضي الله عنه ـ قريباً لأبي بكر الصديق رضي الله عنه , فهو ابن خالته, وكان مسطح مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنهما، وكان الصديق رضي الله عنه معروفًا بالمعروف، له الفضل والأيادي على القريب وغيرالقريب ,
وقد خاض مسطح رضي الله عنه مع من خاض في حادثة الإفك , فقال أبو بكر الصديق وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة , فأنزل الله تعالى :
"وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
قال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي , فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه, وقال : والله لا أنزعها عنه أبدا .
( والقصة في الصحيحين)
لك أن تتخيل ـ عزيزي القارئ الكريم ـ حجم الضرر النفسي , الذي يمكن أن يلحق بك حينما تأتيك الأذية من قريب كنت له محسناً , وعليه منفقاً , وليست هذه الأذية بالأمر الهين , بل كانت الأذية قذفاً للعرض الطاهر , واتهاماً
بالفاحشة لابنتك التي لم تقترفه البتة , بل ولم يخطر لها ببال !!
هذا الأذى النفسي ـ وفوقه بمراحل ـ قد تعرض له الصديق رضي الله عنه من قريبه مسطح ـ رضي الله عنه ـ فقرر أبو بكر رضي الله عنه قطع النفقة التي كان يعطيها لقريبه , كردة فعل طبيعية لهذه الصدمة النفسية !!
فهل أيد الله سبحانه أبا بكر على صنيعه هذا ؟!
الجواب : لا , بل نهاه الله تعالى عن الحلف على قطع النفقة , فقال سبحانه :
"ولا يأتل" : أي لا يحلف , بل أرشده الله سبحانه إلى ما هو أنفع وأفضل , وأمره بالعفو والصفح مهما حصل من ضرر , ووعده بالمغفرة والعفو جزاءً من جنس العمل .
قال ابن كثير رحمه الله :" فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك , فعند ذلك قال الصديق: بلى، والله إنا نحب -يا ربنا -أن تغفر لنا ,ثم رَجَع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا ، في مقابلة ما كان قال: والله لا أنفعه بنافعة أبدًا ، فلهذا كان الصدّيق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته" أ.هـ
وقال ابن سعدي رحمه الله في تفسيره :" وفي هذه الآية دليل على النفقة على القريب، وأنه لا تترك النفقة والإحسان بمعصية الإنسان، والحث على العفو والصفح، ولو جرى عليه ما جرى من أهل الجرائم"
ما أحوجنا أن نتدبر هذه الآية وغيرها ـ ولا سيما في هذه الأيام _ التي كثرت فيها الصراعات القبلية , والخلافات العائلية , بسبب كلمة عابرة , أو لدنيا فانية , فلا أعتقد أن سبب تلك المشاحنات والخلافات , يمكن أن يكون بحجم ما لحق أبا بكر من ضرر !!
إنها دعوة من الله سبحانه إلى النفوس المشحونة بالأذية ـ مهما كان حجمها ـ إلى العفو والصفح , وتجاوز الهفوات والزلات , وفتح صفحة جديدة من الود والإخاء , ولا سيما ونحن في شهر الخير والعفو والغفران , وننتظر مناسبة عيد الفطر المبارك ,
وربما ذكرك الشيطان بما حصل لك من الأذى والضرر , وحاول أن يعظمه في نفسك , فتذكر قول البارئ جل شآنه " ألا تحبون أن يغفر الله لكم "
إن الصفح والعفو عن المسئ عمل جليل القدر عند الله سبحانه وتعالى , والنفوس الزكية الشريفة تعفو وتصفح مهما لحقها من الأذى , كيف وقد وعد الله من فعل ذلك بالمغفرة منه سبحانه .
وصدق من قال :
..{ لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ أرحت نفسي من هم العداواتِ }..
أخوكم
سليمان صفوق العنزي
/