ابو فايز
10-23-2010, 10:03 PM
"مَرَارةُ الفِرَاقُ"
قَدِمَتْ لهم بَعدَ انْتِظَار تِسع َسنِين وَنَيفَا.
اسْتْبشَر الجَمِيعُ بِمَقدَمِهَا ،عَم الفَرَحُ والسْرُورُ أرجَاءَ دارَهُم .
غَمَرَتْ السّعَادَةُ والابْتِهَاجُ جَمِيع أفَرادَ العَائِلةُ
تَعَلّقتْ القُلوبُ بِحُبِهَا ،يُنْظرُ إليهَا وكَأنها وردَةٌ جًمِيَلةٌ
يَفُوحُ شَذَى عُطْرِهَا بَين جَنَباتْ الَمنزِلُ .
كيَفَ لَا وهِي الطِفَلةُ الًوحِيدَةُ بَينَ أفرَاد العَائِلة.
أولتَها وَالِدتُهَا جُلَّ اهتمَامِهَا وأعَطتَهَا مِن وَقتِها الكَثِير،
حَتَى أصبَحَتْ شُغلهَا الشَاغِل.
تتَابَعَتْ الايام والسنُون،بَلَغَتْ الحَادِية عَشر مِن عُمرِهِا،
تَعَلَقَتْ الأمُ بِهَا أكثَرُ مِن ذِي قَبلْ.
وَذَاتَ يَومٍ أيقَظتْهَا مُبكِرةٌ كعَادَتِهَا ،لَبِسَتْ جُلبَابهَا لاداء صّلاَة الفَجرِ.
تَنَاولتْ طَعَامُ الافْطَارِ،وَضعَتْ كُتُبها فِي حَقِيَبَتِهَا مُتَوجِهةً لِلْمَدْرَسَةِ فَرِحَةً مُسْتَبْشِرَةً ،
لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِ أحد أن هذا هوَ أخِرُ صباَحٌ لَهَا.
انْتَابَ والِدَتُهَا شُعُورٌ غَرِيبٌ جِداً وخَوفٌ لمْ يَكُنْ يُسَاورُهَا مِن قَبْل
عند ذًاهَبِهَا لِمَدرَسِتهاَ ، ضَمتها لِصَدرها ،مُمْسِكَةٌ بِهَا
حَتَى خَرَجَتْ مِن الْمَنْزِلِ وَرَكِبَتْ فِي البَاص القَدِيم بِلَوْنِهِ
الاصْفَرُ الْبَاهِتُ.
أحستْ بِخَوفٍ شَدِيدٍ يُدَاهِمُها ارادت مَنَعهَا مِن رُكُوبِهِ ,
هَمتْ أنْ تُوصِلٌهَا مَشْياً على الاقْدَامِ وتنْتَظِرُهَا حَتَى يَنْتَهِي اليوم الدراسِي ثُمَ تعُودٌ بِهَا.
اسْتَعَاذْت باللِه مِن وَسَاوِسِ الشَيطَان .
قَالَتْ فِي نَفْسِهَا: لَنْ يُصِيَبَنِي الا مَاقَدَرَ اللهُ لِي ، مُؤْمِنُةٌ بِقَضَاءِ اللِه وَقَدَرِه .
انْتَظَرْت عَوْدَتَهَا على مَضَضِ ، ترْقُبُ عَقاَرِبَ الساعَةِ علَى خَوفٍ ووجَلٍ .
ماَ أصعَب لَحَظات الانتِظَار. !
ازَداَد خَفَقانُ قَلبِهَا حَتى شَعُرَتْ بأنهُ سَيخْرُجُ مِن بَينِ أضْلُعهِا.
الساعةُ الوَاحِدةُ ظُهراً. !
لمْ تأتِي كعاَدَتِهَا.!
فَات وقتُ مَجِيئَهَا..!
كُانتْ فيِ حَيْرَةٍ مِن أمرِهَا،، !.
هَلْ حَدَث مَا كَانتْ تستَشعِرُهُ وتَخَافَهُ.؟؟
رَن جَرسُ هاَتِفِها: ابنَتُكِ فِي المُستَشفَى تعَرضَتْ لِحَادِث دهسٍ، وحاَلتُهَا مستَقِرةُ.
نَزَلَ الخَبَرُ عليّها كالصَاعِقةِ ،
سقطتُ عَلى الأرضِ ،
حَملُوهَا لرؤيَتِها ،
أوهَمُوهَا أنها بِخَيرٍ،
دَخلتْ غُرفَة العِنَاية الفَائقة
رأتْهَا مُسَجاة على السرِيرالابيَض لاحِرَاكَ فِيها ،
تَحَسسَتْ جسَدهَا الطّاهِر بيِدَهِاَ .
عِنْدَئذٍ أيقَنَتْ بِفراقِها ورَحِيلِها عن مُحِيطِهُم الضّيق ..
بِمَوتك مَاتَتْ الّلَذَات عَنِــــــــّي ... وَكاَنَـْت حيــةً إذ كنُــتْ حيّــا
فَيَا أسَفِي عَلِيك وَطُولَ شَوقِي ... إليــــك لو أنّ ذَلــك رَدَ شيّــا
عِنْدَها شَعُرَتْ بِمَرَارةِ الم الفِرَاق الَذي اعْتَصَر فُؤادَها، وَكَأَنّ قِطْعَـةٌ من جَسَدِهَا نُزِعَتْ بِعُنْفٍ.
"أبُنَيّتِي مَاتَتْ" عِبَاَرةٌ مَا خِلتُهَا ... إلا كَصَاعِقَةٌ علَى الْوَجْدَاِن
أو أنها مَوجٌ عَنِيـــــفٌ جَاَءنِي... يَقْتَادُ نَحْوِي ثَوْرَةُ الْبُـــركانِ
تَوَافَدَ إليها الْمُعَزُونَ مِن كل حَدبٍ وصَوب من الاهلِ والاقَاِربِ والاصْدِقَاءِ يُواسُونَها فِيمَا أصَابَها .
وبعد ان افَاقْتُ مِن هَوْلِ الصَّدْمَةِ ،اسْتَرْجَعْت ، وتَذَكَرْتْ فَضْلَ الصَّبْرِ وَالإحْتِسَابِ عند الْمُصِيبَةِ .
تنهدت : لااله إلا الله.
بالامسِ القَرِيب استَقبَلتُها وهَا انَا اليَومَ اودِعُها .
صدق ألْحَقُ تَباركَ وَ تَعَالَى :
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة 155
وصدق رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ قَالَ :
" إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ : " ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ " رواه الترمذي في سننه ( 942 )
وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة ( 1408 )
ابو فايز
15/11/1431هـ
قَدِمَتْ لهم بَعدَ انْتِظَار تِسع َسنِين وَنَيفَا.
اسْتْبشَر الجَمِيعُ بِمَقدَمِهَا ،عَم الفَرَحُ والسْرُورُ أرجَاءَ دارَهُم .
غَمَرَتْ السّعَادَةُ والابْتِهَاجُ جَمِيع أفَرادَ العَائِلةُ
تَعَلّقتْ القُلوبُ بِحُبِهَا ،يُنْظرُ إليهَا وكَأنها وردَةٌ جًمِيَلةٌ
يَفُوحُ شَذَى عُطْرِهَا بَين جَنَباتْ الَمنزِلُ .
كيَفَ لَا وهِي الطِفَلةُ الًوحِيدَةُ بَينَ أفرَاد العَائِلة.
أولتَها وَالِدتُهَا جُلَّ اهتمَامِهَا وأعَطتَهَا مِن وَقتِها الكَثِير،
حَتَى أصبَحَتْ شُغلهَا الشَاغِل.
تتَابَعَتْ الايام والسنُون،بَلَغَتْ الحَادِية عَشر مِن عُمرِهِا،
تَعَلَقَتْ الأمُ بِهَا أكثَرُ مِن ذِي قَبلْ.
وَذَاتَ يَومٍ أيقَظتْهَا مُبكِرةٌ كعَادَتِهَا ،لَبِسَتْ جُلبَابهَا لاداء صّلاَة الفَجرِ.
تَنَاولتْ طَعَامُ الافْطَارِ،وَضعَتْ كُتُبها فِي حَقِيَبَتِهَا مُتَوجِهةً لِلْمَدْرَسَةِ فَرِحَةً مُسْتَبْشِرَةً ،
لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِ أحد أن هذا هوَ أخِرُ صباَحٌ لَهَا.
انْتَابَ والِدَتُهَا شُعُورٌ غَرِيبٌ جِداً وخَوفٌ لمْ يَكُنْ يُسَاورُهَا مِن قَبْل
عند ذًاهَبِهَا لِمَدرَسِتهاَ ، ضَمتها لِصَدرها ،مُمْسِكَةٌ بِهَا
حَتَى خَرَجَتْ مِن الْمَنْزِلِ وَرَكِبَتْ فِي البَاص القَدِيم بِلَوْنِهِ
الاصْفَرُ الْبَاهِتُ.
أحستْ بِخَوفٍ شَدِيدٍ يُدَاهِمُها ارادت مَنَعهَا مِن رُكُوبِهِ ,
هَمتْ أنْ تُوصِلٌهَا مَشْياً على الاقْدَامِ وتنْتَظِرُهَا حَتَى يَنْتَهِي اليوم الدراسِي ثُمَ تعُودٌ بِهَا.
اسْتَعَاذْت باللِه مِن وَسَاوِسِ الشَيطَان .
قَالَتْ فِي نَفْسِهَا: لَنْ يُصِيَبَنِي الا مَاقَدَرَ اللهُ لِي ، مُؤْمِنُةٌ بِقَضَاءِ اللِه وَقَدَرِه .
انْتَظَرْت عَوْدَتَهَا على مَضَضِ ، ترْقُبُ عَقاَرِبَ الساعَةِ علَى خَوفٍ ووجَلٍ .
ماَ أصعَب لَحَظات الانتِظَار. !
ازَداَد خَفَقانُ قَلبِهَا حَتى شَعُرَتْ بأنهُ سَيخْرُجُ مِن بَينِ أضْلُعهِا.
الساعةُ الوَاحِدةُ ظُهراً. !
لمْ تأتِي كعاَدَتِهَا.!
فَات وقتُ مَجِيئَهَا..!
كُانتْ فيِ حَيْرَةٍ مِن أمرِهَا،، !.
هَلْ حَدَث مَا كَانتْ تستَشعِرُهُ وتَخَافَهُ.؟؟
رَن جَرسُ هاَتِفِها: ابنَتُكِ فِي المُستَشفَى تعَرضَتْ لِحَادِث دهسٍ، وحاَلتُهَا مستَقِرةُ.
نَزَلَ الخَبَرُ عليّها كالصَاعِقةِ ،
سقطتُ عَلى الأرضِ ،
حَملُوهَا لرؤيَتِها ،
أوهَمُوهَا أنها بِخَيرٍ،
دَخلتْ غُرفَة العِنَاية الفَائقة
رأتْهَا مُسَجاة على السرِيرالابيَض لاحِرَاكَ فِيها ،
تَحَسسَتْ جسَدهَا الطّاهِر بيِدَهِاَ .
عِنْدَئذٍ أيقَنَتْ بِفراقِها ورَحِيلِها عن مُحِيطِهُم الضّيق ..
بِمَوتك مَاتَتْ الّلَذَات عَنِــــــــّي ... وَكاَنَـْت حيــةً إذ كنُــتْ حيّــا
فَيَا أسَفِي عَلِيك وَطُولَ شَوقِي ... إليــــك لو أنّ ذَلــك رَدَ شيّــا
عِنْدَها شَعُرَتْ بِمَرَارةِ الم الفِرَاق الَذي اعْتَصَر فُؤادَها، وَكَأَنّ قِطْعَـةٌ من جَسَدِهَا نُزِعَتْ بِعُنْفٍ.
"أبُنَيّتِي مَاتَتْ" عِبَاَرةٌ مَا خِلتُهَا ... إلا كَصَاعِقَةٌ علَى الْوَجْدَاِن
أو أنها مَوجٌ عَنِيـــــفٌ جَاَءنِي... يَقْتَادُ نَحْوِي ثَوْرَةُ الْبُـــركانِ
تَوَافَدَ إليها الْمُعَزُونَ مِن كل حَدبٍ وصَوب من الاهلِ والاقَاِربِ والاصْدِقَاءِ يُواسُونَها فِيمَا أصَابَها .
وبعد ان افَاقْتُ مِن هَوْلِ الصَّدْمَةِ ،اسْتَرْجَعْت ، وتَذَكَرْتْ فَضْلَ الصَّبْرِ وَالإحْتِسَابِ عند الْمُصِيبَةِ .
تنهدت : لااله إلا الله.
بالامسِ القَرِيب استَقبَلتُها وهَا انَا اليَومَ اودِعُها .
صدق ألْحَقُ تَباركَ وَ تَعَالَى :
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة 155
وصدق رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ قَالَ :
" إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ : " ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ " رواه الترمذي في سننه ( 942 )
وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة ( 1408 )
ابو فايز
15/11/1431هـ