عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2008, 04:45 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
طــالـــب عــــلـم
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 255
المشاركات: 222 [+]
بمعدل : 0.04 يوميا
اخر زياره : [+]
 

الإتصالات
الحالة:
أبو عثمان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو عثمان المنتدى : المنتدى الاسلإمي
افتراضي الدرس الثاني في المواقف العمرية : (التعالي على شهوات النفس)

الحلقة الثانية في المواقف العمرية :
كيف كان يأكل الفاروق ؟ (التعالي على شهوات النفس)


الموقف الثاني (2) : وفيه ثلاث روايات :
الرواية الأولى :
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُتْبَةُ أَذْرَبِيجَانَ , أتي بِالخَبِيصِ فَذَاقَهُ , فَوَجَدَهُ حُلوًا، فَقَالَ: لَوْ صَنَعْتُمْ لأََمِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا، قَالَ: فَجَعَلَ لَهُ : سَفَطَيْنِ عَظِيمَيْنِ، ثُمَّ حَمَلَهُمَا عَلَى بَعِيرٍ مَعَ رَجُلَيْنِ , فَبَعَثَ بِهِمَا إلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى عُمَرَ , قَالَ: أَيَّ شَيْءٍ هَذَا؟ قَالَ: خَبِيصٌ، فَذَاقَهُ , فَإِذَا هُوَ حُلوٌ، فَقَالَ: أَكُلَّ المُسْلِمِينَ يُشْبِعُ مَنْ هَذَا فِي رَحْلِهِ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَرُدَّهُمَا، ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّ أَبِيك, وَلاَ مِنْ كَدِّ أُمِّك , أَشْبِعْ المُسْلِمِينَ , مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِك.
إسناده صحيح. رجاله ثقات، رواه ابن أبي شيبة (32917)، في المصنف ، و مسلم في صحيحه (2069) مختصراَ , وأحمد في الزهد 1/121، وهناد بن السري في الزهد (697 ، عن عاصم الأحول به نحوه.وهذا لفظ ابن أبي شيبة .

الرواية الثانية :
عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ السُّلَمِيُّ , قَالَ: قَدِمْت عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ؛ بِسِلاَلِ خَبِيصٍ عِظَامٍ مَمْلُوءَةٍ، لَمْ أَك أَحْسن وأجيد، فَقَالَ : مَا هَذِهِ؟ فَقُلت : طَعَامٌ أَتَيْتُك بِهِ، إنَّك رجل تَقْضِي مِنْ حَاجَاتِ النَّاسِ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِذَا رَجَعْت أَصَبْت مِنْهُ، قَالَ: اكْشِفْ عَنْ سَلَّةٍ مِنْهَا، قَالَ: فَكَشَفْت، قَالَ: عَزَمْت عَلَيْك إذَا رَجَعْت , أَلاَ رَزَقْت كُلَّ رَجُلٍ مِنْ المُسْلِمِينَ مِنْهَا سَلَّةً قَالَ: قُلت: وَاَلَّذِي يصْلُحُك يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَوْ أَنْفَقْت مَالَ قَيْسٍ كُلَّهُ , مَا بَلَغَ ذَلِكَ، قَالَ: فَلاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ ، ثُمَّ دَعَا بِقَصْعَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ مِنْ خُبْزٍ خَشِنٍ , وَلَحْمٍ غَلِيظٍ , وَهُوَ يَأْكُلُ مَعِي أَكْلاً شَهِيًّا، فَجَعَلت أَهْوِي إلَى البِضْعَةِ البَيْضَاءِ أَحْسِبُهَا سَنَامًا , فَأَلُوكُهَا , فَإِذَا هِيَ عَصَبَةٌ، وَآخُذُ البِضْعَةَ مِنْ اللَّحْمِ , فَأَمْضُغُهَا فَلاَ أَكَادُ أَسِيغُهَا، فَإِذَا غَفَلَ عَنِّي , جَعَلتهَا بَيْنَ الخِوَانِ وَالقَصْعَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عُتْبَةُ، إنَّا نَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ جَزُورًا، فَأَمَّا وَدَكُهَا وَأَطَائِبُهَا فَلِمَنْ حَضَرَ مِنْ آفَاقِ المُسْلِمِينَ، وَأَمَّا عُنُقُهَا فإلى عُمَرَ.
رواه ابن أبي شيبة (32918)، في المصنف ، وهناد بن السري في الزهد (695) , و الدارقطني في السنن 4/260ـ 261 (77) , و ابن عساكر في تاريخ دمشق 44/296 كلهم من طريق قيس بن أبي حازم به نحوه.واللفظ لابن أبي شيبة . إسناده صحيح، رجاله ثقات، وتقدم قريباً من وجه آخر عند مسلم ,

الرواية الثالثة :
عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ حُذَيْفَةَ , قَالَ: مَرَرْت , وَالنَّاسُ يَأْكُلُونَ ثَرِيدًا , وَلَحْمًا، فَدَعَانِي عُمَرُ إلَى طَعَامِهِ، فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا غليظا , وَزَيْتًا , فَقُلت: مَنَعْتنِي أَنْ آكُلَ مَعَ النَّاسِ الثَّرِيدَ، وَدَعَوْتنِي إلَى هَذَا؟ قَالَ: إنَّمَا دَعَوْتُك لِطَعَامِي، وَذَاكَ لِلمُسْلِمِينَ.
رواه ابن أبي شيبة (32919)، في المصنف ، وأحمد في الزهد 1/121 كلاهما عن زيد بن وهب به. نحوه.واللفظ لابن أبي شيبة.
حسن لغيره , فيه : سليمان الأعمش , وهو مدلس , ولم يصرح بالسماع، وبقية الإسناد ثقات، ولكن يشهد له , ويقويه , ماتقدم قبله بمعناه من أثر عتبة بن فرقد.


تأمل الموقف :
تجلب الأطباق الشهية , العظيمة المليئة بما لذ وطاب , مما تشتهيه النفس , وتسر به العين , بل ربما لا يستطيع الإنسان إلى تمالك نفسه من ذوقها , وتناولها , لما فيها من الجاذبية , والإغراء .
يجلب (الخبيص) وهو طعام مخلط , لذيذ , متعدد المقادير , حلو الطعم , إلى الفاروق محملا بأطباق كبيرة من أذربيجان ـ وهي مملكة عظيمة فيها خيرات واسعة , وفواكه جمة , فتحت في خلافته رضي الله عنه , وهي اليوم استقلت من روسيا ,وغالب أهلها مسلمين ــ ,
أهداه له قائد الجيش ، وهو يطلب البر بأمير المؤمنين , لما يرى فيه من البذل والتوجيه , والمتابعة , ولما وجد في نفسه من الحب لهذه الشخصية الفريدة , التي كان لها الدور المساند في النصر , فَقَالَ: لَوْ صَنَعْتُمْ لأََمِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا ؟ بعد أن أعجبه طعمه ,
ثم وضعه في سفطين (وعائين) وفي رواية سلال , وحملها على بعيرين , وكتب معها حثا للقبول , كتب لعمر : إنَّك رجل تَقْضِي مِنْ حَاجَاتِ النَّاسِ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَإِذَا رَجَعْت أَصَبْت مِنْهُ , أي أن هذا الطعام الحلو يعينك ويقويك على التحمل ,
,
فلما قدم له الطعام كان أول سؤال :
هل كل المسلمين سيتناولون مثله ؟
أَكُلَّ المُسْلِمِينَ يُشْبِعُ مَنْ هَذَا فِي رَحْلِهِ؟
فلما أخبر أنه ليس بالإمكان إشباع المسلمين من هذا النوع , لأنه يحتاج تكاليف باهظة , وأن هذه وجبة خاصة بالخليفة , ولا يمكن توفيرها للجميع ,
لم يستطع أن يمد يده حتى لفضول التذوق فضلا عن الأكل , مع أنه طعام قدم له من قائد الجند , وطابت به نفوس القوم لتقديمه له , وقطعت من أجله المسافات , ولكن صاحب النفس العالية المتعالية على هواها , وملذاتها لم تستسلم للرغبات ,
لم ينشغل الفاروق بملذات البطن , وهو يتحمل مسؤولية المسلمين ,
لا تطاوعه نفسه بالتميز على عامة الناس فضلا أن يتميز على فقراءهم ,
لقد أخذ منه هاجس المحاسبة الربانية كل مأخذ , فلم يرض لنفسه أن يتناول شيئاً لا تطاله أيدي المسلمين ,

وعندها قدم الفاروق عتابه القوي المؤثر الذي لا يتمالك سامعه إلا الإذعان لقوة حجته , وصدق معناه , ووقع تأثيره ,
قال له :
فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّ أَبِيك, وَلاَ مِنْ كَدِّ أُمِّك , أَشْبِعْ المُسْلِمِينَ , مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِك.
فيا ألله وجبة طعام لم يتساهل معها ؟!! ,
فكيف لمن أذنت لهم نفوسهم التطاول على أموال المسلمين , وأكل حقوقهم بغير وجه حق ,
عمر خاف من التوسع في المباح , وغيره للحرام استباح ,
عمر لا يريد التميز عن الرعية , وغيره أشغله كبره وغيّه ,
أين منّا تفهم هذا المثال ؟ الذي يستغنا به عن كثير من المقال ؟

وفي الموقف أيضا :
لم يأكل من طعام الثريد , واللحم الذي يقدم من بيت المال للفقراء , والوافدين , فيتركهم يتلذذون بالطعام الشهي , ويرضى بطعامه الخشن , ومادته : الخبز الغليظ والزيت ,
خلبفة المسلمين من ملك الأرض من أقصاها إلى أقصاها يأكل الخبز الخشن والزيت , وإن أكل من اللحم اختار لنفسه الرديء (الرقبة ) , الذي يصعب مضغه , وترك للمسلمين الطيب , واللين !!! ,
لقد قدم للأمة درساً في عفة النفس , وفي المساواة بين الراعي والرعية , وفي الورع عن يسير الشبه , فمتى نستفيق ونستن بسنته رضي الله عنه ؟
.


انتظروا قريباً الحلقة الثالثة من المواقف العمرية












عرض البوم صور أبو عثمان   رد مع اقتباس