] . . . العَقلُ وفُصُولهُ الأربَعَة . . . [ 
 
 
 
 
 
 
مَا زلتُ بَيْنَ أورَاقٍ هَائِجةٍ هَاربةٍ مِنْ مُسْتَقرِّهَا وَمُسْتَودَعِهَا ، 
وَبـ أحْجَامٍ تَصْغُرُ جَيْبي الذي يَسْتفرغنيْ بَيْنَ أدرَاجيْ وَأرْفُفِيْ وَسَلَّة مُهمَلاتي 
عِندَمَا يَشبَع ، وَلَيْستْ هِيَ بـِ المُهمَلاتِ ؛ إنمَا أنَا ، هِيَ سَلّتيْ ولاتَشبَع !
 
 
* * *
 
 
الوَرَقُ سُفرة مِنَ الفَرَاغات التيْ يَحدُّهَا فَرَاغَاتٍ أُخَر ، تَتَلَبّس الحُرُوفِ ، 
وتَتَزَيَّنُ بِـ الكَلِمَاتِ ، وَتَتَرَاقَصُ عَلَى أنْغَامِ المَعَانِيْ !
 
 
* * *
 
تَكَلَّم أيُّهَا العَقل . .
 
تَكلّمْ كَيْ أرَاكَ * ، تَكَلَّم لِـ أُدْرِكَك ، لـِ أُدْرَكَ شَخصَك ، وَحُدُوْدَ فِكْرك ،
فـَ كُلّ إناءٍ بِمَا فِيْهِ يَنضَح * ، وَكُلّ مَا يَنضَحهُ الإنَاءُ قلِيْلٌ مِنْ كَثِيْر ، فَـ تَكَلَّم !
 
فـَ مَا لا تَسْتَسَيغه الكَبِد / العُقُول السَلِيْمَةِ ، تلفُظه ، فَـ يَعُودُ أدرَاجَ الفَمِ مِنْ جَدِيْد . .
يَدْخُل إلِيْهَا مَا قَدْ قَبُح ، فَـ يَخرُج مِنهَا مَا قَبُحَ أكثَر .
 
 
 
* * *
 
 
أُحِبّ أن أمْلأ [ الفرَاغ ] الذيْ أُحِبّهُ أكثَر ، عِندَ مَا أتَأمَّلُ أكثَر بـِ فرَاغٍ أكبَر ،
فـَ لا أكتُبُ ، وَلا أكتُبُ ، إنّمَا هُوَ ثُقبُ الفرَاغ !
 
 
فَـ فيْ شِتَاء العَقلِ . . 
 
يَتَوَقّف الزمَن ، تَتَوقّفُ عَقاربَه بَين سَاعِةِ الذِكرَى وأطيَاف الكَفَن ،
عِندَ المَضيْق ، بَيْن غُربَةٍ وَ وَطَن ..
 
 
 
 
 
 
 
وَ فِيْ العَقلِ صَيْف . .
 
يَتَمَدَّد طُوْلاً فِيْ رِحْلِةِ إسْتِجْمَامٍ عَلى الشُطآنِ ، 
ومِنْ ثّمَّ يَغفُو مُتَأمِلاً أعمَاقهُ مِنْ أسْطُحِ الجُدرَان ،
فَـ يَغُوْصُ وَ يَغوصُ وَ يَغرَق ، بِـ هَوَاءٍ ثَقِيْلٍ ، وَشَهِيْقِ يَعْرَق ،
فَـ لا يَطفُو إلا بِـ زَفِيْرِ اللُؤلُؤِ والمَرْجَان !
 
 
 
 
عَجَبيْ يَِا رَبِيْعَ العَقل ، عَجَبي مِنْكَ !
 
تَغرسُ فيْ لِيْنِ أرضِكَ بُذُورَ الأمَل ، وتُمْطِرُ مِنْ سَمَائكَ الحِكْمَة ، لِـ تَحْصُدَ أمَانَ المُستَقبَل ،
تُجمِّلَ الجَمِيْل فَـ تَأكلّه ، وتُقبِّح القبِيْح فـَ تَلْفُظه ، 
يَامَلاذَ الفَرَاشَاتِ والطُيُوْر ، يَامَلاذَ الحَيَارَى ، يَاجَنَّة الرَوحِ والرَيْحَان ،
وكـَ أنَّكَ لـ الزَهرِ أنفَاس ، يَصْحُو فجْرُهُ بِـ شَمْسٍ خَجُولَةٍ تَتَلثَّم الغَيْمَ وَتَغتَسِل المَطَر . 
 
 
 
وَخَرِيْفُ العُقلِ . .
 
كَآبَة الحَالِ ، وسُوْء المُنقَلَب وَالمَنظَر والمآل ،
لا يَرتَويْهِ مَاء النَهْرِ العَذبِ الزُلَالِ ، ولا ترتَويْ مِنه مُلُوْحَة خُطوَاتُه ،
حَيْثُ يَبْقىْ مَثقُوبَاً بِـ الجَفَافِ وَالعَطشِ ، فَـ هَلْ يَرْتَويْ المَاء ؟!