انطلقت أصوات الفرح والسرور من أحد البيوت المجاورة مخترقة محيط حارتنا متخطية الشوارع كأنها صواريخ عابرة للقارات.
أصوات معبرة عن حدث سعيد ومجيد.
طبول وزغاريد وقصيد ملئت الجو بهجة وحبورا .
أنواع المأكولات الشهية واللذيذة .
الكثير من البشر يدخلون ويخرجون مهنئين بالحدث
وهنا بدأت الأفكار تدور في مخيلتي .
ما هي هذة المناسبة السعيدة.
هل لدى الجيران حفل زواج مصغر أو عشاء بمناسبة عقد القران .
أما أنهم وجدوا أحد أبنائهم بعد ضياع عشرات السنين .
قد يكون أحد أبنائهم حصل على شهادة عليا.
أو أن أحد أبنائهم تخرج مهندسا أو طبيبا.
هل خرج أحد أبنائهم من شبح البطالة وحصل على وظيفة .
هل تم منح العائلة قرضا عقاريا بعد خمس عشرة سنة من الانتظار.
هل لديهم ابن عائد من أرض الجهاد سالما معافى رافعا رؤوسهم بعد أن دافع عن إخوانه المسلمين.
هل أكمل أحد أبنائهم حفظ القرآن الكريم كاملا.
هل وهل وهل ..........
أسئلة كثيرة واحتمالات عديدة طرحها عقلي ولكن لا بد من السؤال لمعرفة الحقيقة .
وهنا تسقط الإجابة على رأسي سقوط الصاعقة على الأرض
لقد خرج ابنهم الذي قضى عشر سنوات في السجن بتهمة تهريب المخدرات وهذا الحفل المهيب احتفاء وتكريما له ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وهنا عادت التساؤلات مرة ثانية وبقوة
هل يستحق هذا المغوار هدة المكافأة وهذا التشجيع والتكريم؟
هل ما قام به هو عمل بطولي وخدمة جليلة للمجتمع .
هل ما قام به شيء يدعو للفخر ؟
أليس من الأجدى والأفضل الالتزام بالصمت والستر في مثل هذة المواقف .
أليست القاعدة : إذا بليتم فاستتروا .
ألم يسمعوا بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (كل أمتى معافى إلا المجاهرين )
أنا لا أنكر فرحة الأهل بخروج أبنهم من السجن وخصوصا إذا كان تائبا وحسنت سيرته فهذا حق لهم .
ولا أنكر ضرورة احتواء السجين وتأهيله من جديد ولكن ؟؟.
أن تعمل له الحفلات كأنه منتصر.
أن يكرم كأنه خدم دينه ووطنه ومجتمعه.
أن يكافئ على تدميره للمجتمع والمفروض أن يعاقب.
أن تقام له الليالي الملاح وكأنه سن سنة حسنة.
هل نعيش في مجتمع الجاهلية الحديثة ؟
عندما يصبح في العائلة طبيب أو داعية أو مبدع فإن الاحتفاء به يكون عاديا.
أما من يخالف الشرع والعرف ويهدم المجتمع ويرتكب المحظور ويأتي بما يدنس سمعة عائلته ,فهذا يعامل كالفاتح الهمام.
هل هي الجاهلية الحديثة؟
قديما في زمن أجدادنا إذا اقترف أحد أفراد القبيلة عملا مشينا يكون منبوذا من الجميع ولا يجلس معه أحد ولا تصب له القهوة .
أما الآن فقد انقلبت الأمور رأسا على عقب وأصبح المجرم مكرما , وأصبح المحترم مدانا مع وقف التنفيذ.
طبعا نحن لا نريد معاقبتة مرتين ؟ ولا نريد أن يرتمي مرة ثانية في أحضان الجريمة , ولكن أيضا نرفض أن يظهر كقدوة لباقي الشباب ويقومون بتقليده .
أعزائي هذة أسئلة وتداعيات كثيرة دارت في مخيلتي وأحببت أن تشاركوني الرأي فيها .