لا تكلني الى نفسي
من عجائب ثقافتنا السعودية اننا قوم قد من الله علينا بميزة التحليل والنقد والموضوعية والمنطق الذي لا حدود له فلو جلست في احد ماجلسنا ( استراحاتنا ) لرأيت وسمعت من الاراء ما يذهل له عقلك مما يجعلك تتسائل وتتعجب من تأخرنا الملحوظ في كل شيء, كيف يمكن لشعب وقوم بهذا الذكاء وبهذا المنظور المنطقي للامور ان يعاني من مشاكل تكاد تكون صعبة الاحصاء.
ان هذا التناقض العجيب والغريب امر من الصعب تفسيره ولكنه ليس كذلك. فعندما تجد موظفا يتحدث عن سوء التنظيم في مجاله ايا كان ويطرح الافكار والحلول لمشاكله العملية لساعات مما يوحي اليك ان هذا الشخص من الكفاءات التي حجب النظر عنها, فترى فيه شخصية الرجل المخلص في عملة والمتمكن من علمه ومعرفته, ولكن الصدمة عندما يتغير محور الحديث الى ان يصل الى الكلام عن مواقفه في العمل فتتشوه تلك الصورة التي كنت قد رسمتها في خيالك عن هذا الشخص لتكون من اقبح الصور بسبب تقصيرة الواضح من مواقفه التى ترفع الحجاب عنه فتكتشف انه احد الاسباب الرئيسية في تأخرنا.
ان هذا النوع من الناس له الاغلبية في مجتمعنا للاسف الشديد إلاّ من رحم ربي.
قد تكون الاسباب كثيرة ولكن اهمها هو ما جبلنا عليه من قدومنا الى هذه الحياة. لم نجبل على ان تكون افعالنا وتصرفاتنا نتيجة لقناعة منا, بل العكس, جبلنا على ان نكون مكرهين على كل شيء تقريبا. نشأنا على الدكتاتورية, وللاسف الشديد يبدو انها الحل الوحيد لمشاكلنا وتأخرنا الملحوظ.
قد يجد البعض في حديثي بعض الظلم, وابرر كلامي وادعمه بما رأيت في نفسي وفي من حولي, فانا اعمل في القطاع العام, و من المعروف لدينا ان القطاع العام فيها بعض الحزم والتنظيم , ففي بداية عملي وكأي موظف جديد, كنت متحفظا وحذرا لعدم علمي بالانظمة والقوانين بشكل كبير, كانت كل افعالي على مرأى من الزملاء, فلا مجال للعبث ابدا. ولم يكن هذا بالامر السيء على العكس تماما, كان شيء جميلا ومريحا فلا شيء افضل من الاخلاص في كل شيء, وبعد فترة ليست بالطويلة انتقلت لاعمل بعيدا عن مرأى الادراة لبعض الوقت, وللاسف الشديد, وجدت نفسي لا اختلف كثيرا عن صاحبنا في بداية المقال.
ببساطة, الدكتاتورية الادارية هي الحل الوحيد وستبقى كذلك مالم نغير ثقافتنا العملية بشكل جذري, لنجعلها ثقافة تفوق ورقي لا ثقافة مراتب و اكل عيش فقط, ففي نهاية الامر هذا يحث علية ديننا الحنيف ومبادئه الحسنة.
كتبه : علي القدير