مقال جديد للشيخ سليمان صفوق بعنوان ((حقوق الرجل))

كم يؤلمنا الليبراليون في كثير من أطروحاتهم التي غالباً ما تدور حول المرأة وحقوقها المسلوبة كما يزعمون , في حين يريد الغالبية منهم ـ إن لم يكن كلهم ـ أن يسلبوا المرأة دينها وحياءها !

وكم يؤلمنا بعض أبناء مجتمعنا حين يحاول أن يكون ليبرالياً (بالقوة) , فلا هو معتز بدينه , ولا هو مدرك لمآلات أطروحات أولئك القوم , وفساد ما يدعون إليه , فحاله كحال من وصفهم الله تعالى بقوله :" مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً "

--------------------------------------

يظن كثير من الآباء والأمهات أن دورهم التوجيهي والتربوي ينتهي عند انتقال ابنتهم من بيت والديها إلى بيت زوجها , في حين أن على الوالدين تعاهد ابنتهم المتزوجة حديثاً على وجه الخصوص بالتوجيه والوصية , والسؤال عن حالها بعد انتقالها لمنزلها الجديد , حتى لا تكون عدداً إضافياً جديداً في تعداد المطلقات الذي يزداد يوماً بعد يوم !

--------------------------------------

أمامة بنت الحارث امرأة عاقلة وحكيمة عاشت في العصر الجاهلي قدمت لابنتها (أم إياس) في ليلة زفافها وصية نافعة , في قطعة أدبية رائعة , تغني عن كثير مما كتيه علماء النفس وعلماء الاجتماع في هذا المجال .
بدأت أمامة وصيتها لابنتها بالثناء عليها وعلى عقلها وأدبها ومكانتها في نفس والديها , وأن الوصية لا تنقص من قدر الموصى بها , حتى يكون ذلك أدعى لقبولها فقالت:
" أي بنية : إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك فيك , ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل ، ولو أن إمرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه ، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال"

ثم أردفت هذه المرأة الحكيمة وصيتها بما يشبه التهيئة النفسية للفتاة التي ستنتقل إلى بيت لم تألف المبيت فيه , وزوج لم تعهد صحبته فقالت :

" أي بنية : إنك فارقت الجو الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى رجل لم تعرفيه , وقرين لم تألفيه , فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا ، فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا "

ثم شرعت في تعداد عشر وصايا نافعة جداً هي بمثابة حقوق الرجل على زوجته فقالت :

أي بنية : احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا وذكرا :
ـ الصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
ـ والتعهد لموقع عينيه , والتفقد لموضع أنفه , فلا تقع عينه منك على قبيح , ولا يشم منك إلا أطيب ريح والكحل أحسن الحسن والماء أطيب الطيب .
ـ التعهد لوقت طعامه , والهدوء عند منامه , فإن حرارة الجوع ملهبة , وإن تنغيص النوم مغضبة.
ـ الاحتفاظ ببيته وماله والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله , فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير , والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير .
ـ لا تفشي له سرا , ولا تعصي له أمرا , فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره , وإن عصيت أمره أوغرت صدره .
ـ ثم اتقي عنده الفرح إن كان ترحا ، والاكتئاب عنده إن كان فرحا , فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير.
ـ كوني أشد ما تكونين له مرافقة يكن أطول ما تكونين له موافقة واعلمي أنك ما تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت والله يخير لك .


أيها الأزواج : طالبوا (بنات حواء) بهذه الحقوق العشرة , ولكن بعد أن تؤدوا ما أمركم الله به من حسن العِشرة , وامتثلوا أمر ربكم في قوله تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف "
ودمتم في حياة أسرية هادئة وهانئة ...


كتبه:
سليمان بن صفوق العنزي
المحاضر في جامعة الحدود الشمالية