الاسلوب الحكيم في التربية والتعليم.
عن معاوية بن الحكم السُّلَمِي ، قال : ((بيَنا أنا أُصلَّي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ عَطَسَ رَجُلٌ من القومِ ، فقلتُ :
يَرْحمُكَ اللّه ! فَرَماني القَومُ بأبصارِهم ، فقلتُ :واثُكْلَ أُمِّياهُ، ما شأنكم تنظِرونَ إليَّ ؟ فجعلعلُوا يضرِبُون بأيديهم على أفخاذهم ،فلما
رأيتهم يُصَمِّتُونني لكنِّي سَكَتُ ، فلما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ،فبأبي هو وأمي !! ما رأيتُ مُعَلِّماً قَبَلَهُ ولا بعدَهُ ،أحسنَ
تعليماً منهُ ، فواللّهِ ما كَهَرَنِي ن ولا ضَرَبَنِي ، ولا شَتَمَنِي ، وإنما ، قال:
(( إن هذه الصلاة لايصلحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناس، إنما هو التسبيحُ ، والتكبيرُ ، وقراءة القرآن ))
(رواه مسلم)
ما أعظمه من درسٍ في التربيةِ النبوية السليمة ، وتوجيه سديد رشيد للدعاة والمرشدين ، ليقتفوا أثر المصطفى صلى الله عليه وسلم
في اسلوبه، ودعوته ، وحكمته ، وكيف غزا القلوب بسيرته العطره ، واسلوبه الفذ الحكيم ، في معالجة الامراض الاجتماعية ، والاخطاء الشخصية التي
تحدث من بني الانسان ؟ ، فلم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوماً من الايام غليظاً في طبعه ، قاسياً في كلامه ، إنما كان مثلاً يُحتذى في
حسن التربية والتوجيه، وصدق اللّه العظيم [فبما رحمةٍ من اللّه لنتَ لهم ولو كنتَ فظاً غليظَ القلب لانفضوا من حولك...]
هذا الخُلُق ضيَّعه كثير من الدعاة ، والاباء ، والمربين، فظنوا أن القسوة في القول والغلاظة في الكلام ، هو الاسلوب الذي يردع الجاهل عن خَطئِهِ،
والعاصي عن ذَنْبِهِ ، وانه من الصلابة في الدين ، والغيرة على إنتهاك المحارم وما علموا أنه إسلوب يُنَفِّرُ ، لايوصل الى الغرض المطلوب ، وقد قال :
صلى الله عليه وسلم : (يَسِّرُوا ولاَ تُعَسِّرُوا،وبَشِّرُوا ولاَ تُنَفِّرُوا) وقوله: (إنكم بُعِثْتُم مُيَسرين ولم تُبْعَثُوا مُعسرين )1
(1) كنوز السنه)
ابو فايز 19-3-1430هـ