أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-2010, 02:47 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

تصبح يا حلمي .. بخير .!

الرتبة:

البيانات
التسجيل: Aug 2008
العضوية: 34
المشاركات: 2,237 [+]
بمعدل : 0.38 يوميا
اخر زياره : [+]
 

الإتصالات
الحالة:
جزاء السلطاني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : دفاتر شخصية .!
افتراضي وَ مات ضميرُ [ أبي ]

[ 1 ]





لازلت أتذكر تلك اللحظة عندما طرق أبي الباب الداخلي للدور الأرضي قادماً من دوره العلوي الذي يسكنه مع زوجته الثانية ,
كانت الساعة تلدغ بعقاربها الثانية عشر معلنة بدء يوم جديد ,
يوم لم يكن كما يجب أو كما كانت تلك الأيام التي عشناها من قبل , ربما كان يوماً لم يُدون في روزنامة تلك السنة
أو هكذا أتمنى ,
لم يكن أبي في أفضل حالاته رغم أن حالاته كلها لم تكن كما هي قبل الزواج من الزوجة الثانية
ولكن هذه الحالة في هذه الساعة كانت مُختلفه جداً بالنسبة لي ,
لأول مرة أرى أبي يضرب أمي بـ [ هذه الوحشية ]
في الحقيقة إعتدنا منذ أن حلت تلك الأنثى في بيتنا على إهانة والدتي من قِبل والدي
لكن بهذه الطريقة الخالية من الإنسانية لم أشاهد ولم أحلم بها رغم الكوابيس التي أعيشها في كل ليلة ,
كان يلقي على جسدها الرقيق [ سوط حديد ]
ربما أخذه من دولاب ملابسه أو ملابسها تلك التي تقبع في الأعلى ,
سألتهُ أمي وأذكر نبرة صوتها المتقطعة [ ماذا فعلت ]
وكعادته عندما يضربها لا يقول لها لماذا فعل ذلك
لكن وهو راحل من حفلة التعذيب التي أقامها على ملامح وجه أمي وجسدها قال [ أنتِ طالق ]
كنت أرى وأسمع وأنا في فراشي بين أختي الكبيرة وأخي الذي يتبعني في السن ,
كانوا يغطون في نومهم لأن غرفتها تطل على الصالة التي شهدت إحتضار تلك العلاقة التي إستمرت لـ ثلاثين عاماً
ولسوء حظي كان باب غرفتنا مفتوحاً ,
تمنيت أنني لم أشهد ولم أسمع نهاية والدتي بهذه الطريقة
لأنني منذ تلك اللحظة لم أشعر بأن أبي هو أبي
وكأن صورته الباقية بعد زواجه إنقلبت بداخلي إلى مسخ لا أعرفه وأكره جداً النظر له .

مع شروق الشمس وكعادتها أمي أيقظتنا لكي نذهب إلى المدرسة
لم أنم جيداً بل لم أنم إطلاقاً ,
وكنت أبكي كثيراً ربما لا تحتاج والدتي بعد نهوضي إلى غسل غطاء الوسادة كالعادة فدموعي تكفلت بها هذا اليوم ,
مبتسمة ومتألقة وتقول هيّا لا تتأخرون
بعدما صنعت لنا البيض وَ الحليب ووضعت في كل حقيبة واحد مِنا ساندويتش الجبن ..
هناك أشياء نستطيع تخبأتها ولكن تلك العلامات التي إحترف أبي
رسمها على وجه أمي لم تستطع تخبئتها عن نظراتنا وَ أسئلتنا

قالت أختي الكبيرة لأمي ماهذا يا أمي ,
قالت وهي مبتسمه [ قطرات ماء حاره ] عندما كنت أغلي الحليب وأعد الإفطار ,
هيّا يا أولاد لا تتأخرون ..
ذهبنا جميعاً إلى مدارسنا وجلست والدتي لوحدهـا
وكأني بها تبكي وتجمع بقايا تلك السنين التي سقطت أوراقها دون خريف مُعلن ,
كانت ريح عاتيه إجتثت معها أمي وَ أحلام الصِغار ,
لم أكن مع المعلم في حصته كنت شارداً أفكر كيف حال أمي
وماهي كمية الدموع التي ستنزفها في غيابنا
ولا إناء يحتضن طهر ماء جفنيها ,
آه يا أمي وآه يا أبي ماذا حصدت من هذه الفعلة
وأي ثمر خبيث سنتجرع طعمه مع والدتي ,
لاحظ معلمي حالتي وبعد إنصراف الطلاب دعاني ,
ماذا حدث لك لست في حال تسر اليوم ماهذا الشرود يا [ متعب ]
قلت لا شيء يا مُعلمي أحس بأرهاق وتعب فقط ,
قال لي أتريد أن أتصل بوالدك لكي تذهب للمنزل
فصرختُ دون شعور صاحبه فزع شديد [ لا أبي لا ]
وكأنه أخبرني بقدوم الموت ..
الموت هـه وهل أنا الآن من الأحياء .؟
خرجت مسرعاً نحو بوابة الخروج
وإستطعت فعلاً الخروج من المدرسة ذهبت أجري كشخص هارب من النار
بأقصى ما أملك من سرعة لم تكن وجهتي نحو منزلنا
بل كانت نحو منزل [ خالتي ]
لكي أخبرها بما حدث ليلة البارحة وأحط بهذا الحمل عني ,
تقطعت أنفاسي حتى وصلتُ منزل خالتي
طرقتُ البابَ ففتحت لي خالتي فَـ [ بكيت ]
ضمتني خالتي وأنا بالكاد أجد مدخلاً للهواء لدواخلي
ذهبتْ بي للداخل وهي تكرر سؤالها [ ما بك ]
قلت أمي ثم قلت لا أبي ثم بكيت
ولم أستطع أن أتكلم من تقطع أنفاسي ,
جلست تُهدئني وتتحدث معي بهدوء حتى عادت أنفاسي لـ رئتي
ولكن لم تعد دموعي ولم تنقطع من مجراها ,
قلت خالتي :
أبي البارحة طلق أمي بعد أن ضربها وأدمى جسدهـا
قالت أعلم .!

ماذا .؟ كيف تعلمين , قالت والدتك في غرفتي إذهب لها ..
هناك شيء ما ألقى القبض على رُكبتيّ وكأنه طوق من حديد لم أستطع الحراك قلت لخالتي لا أستطيع المشي .؟
ربما من تأثير الجري ,
ولم أعلم أن هذه الحالة وهذا الطوق سيستمر معي مدى الحياة ,
نعم أصبت منذ تلك اللحظة بالشلل ,
وددت لو ذهبتُ لوالدتي لكي أراها ولكن هي التي قدمت لي
ورأتني وهي تقول [ متعب ماذا جرى , مالذي حدث , مابك , وإستفسارات تمر بي دون وعي ]
ذهبت بي وخالتي إلى مستوصف الحي القريب من بيتها ,
شخصَ الطبيب المعالج حالتي وطلب بإحالتي إلى المستشفى الكبير الذي يقع في منتصف البلدة ,
خالتي أرمله وعقيم وتسكن وحدها في منزلها
مات زوجها في حادث سياره بعد السنة الخامسة من زواجهما ,
ووالدتي لم يبقى من عائلتها سوى هذه الأخت الأرملة
وَ أبن عمها الذي طلقها ,
قالت خالتي لنتصل بوالده يأتي ليذهب به إلى المستشفى ,
سمعت طلب خالتي لأمي وذات الفزع الذي صاحبني مع معلمي صابني في هذه اللحظه وأكرر [ لا أبي لا ]
هناك شيء تصوره عينايّ عندما يأتي ذكره أمامي وكأني أعرف هذا الشيء أنه وجه زوجته الثانيه ,
أكرهـهـا وَ أكرهـه
لاحظت أمي فزعي بهذه الطريقة الغريبة عليها
قالت أنه ابوك لا تخف قلت أمي لا أريد الذهاب للمستشفى
أريد الذهاب لبيت خالتي أرجوكِ ,
وأصريت عليها حتى أخرجتني تحملني على ظهرها لمنزل خالتي ,
لم يكن جسمي ذلك الذي يتعب الشخص في حمله
ولم يكن عمري بالذي يقيس حجم مافعله أبي
لكن ربما في داخلي شخص أكبر لم أعرفه
وخرج في تلك الليلة التعيسة ,
وصلنا منزل خالتي وهناك خالتي قالت لأمي أبنك يعلم عن ماحدث ليلة البارحة لك ,
تفاجئت أمي وأنبهرت ,
ايضاً في هذه المرة بكيت ولكن بإختلاف كبير وكأن جميع سوائل جسدي تجمعت لتضخ من عيناي,
حضنتني أمي بقوه إلى صدرها وأنا أصارع الشهيق والزفير اللذان تواعدا على مخرج واحد بغية إختناقي

أكثر يا أمي أريد أن ألتصق بك لعل الله يفسح لي مجالاً كي أدخل إلى صدرك
وأسكنـه أريد أن أقبل قلبك الطاهر النقي ,
أدفنيني أرجوك يا أمي بداخلك
فلست أرى لي بعد يومي هذا بقاء ,
قالت اهدأ بني ماحدث لم يكن نهاية كل شيء
هناك أشياء كثيرة نعيشها وهناك مسقبلاً واعد ينتظرنا
وهنا أنا وإخوتك فنحن لسنا وحدنـا نحن مجموعة نشد بعضنا
بُني ماحدث لي يحدث لكل امرأة وهذا ماقدر الله لي والحمد لله على قدره
تشدني وتقول أنهض ولازال ذلك الطوق يكبلني
اريد فعلاً النهوض أريد أن ألبي طلب غاليتي
لكن لم استطع بكت أمي ماذا جرى لك يابُني
لا أعلم يا أمي لا أعلم

وصل أبي متأخراً لمنزل خالتي وكعادته يتذمر من الحضور إن صاب أحدنا مكروهاً
وكأنه مغصوباً على ولايتنا ,
كانت أمي واقفه بكل شموخ بحجابها الكامل ولأول مرة أراها تغطي وجهها عن أبي
فَـ هُم الآن أغراب حملتني أمي وخالتي إلى سيارته بعدما أمرهن بذلك هو ,
بقيت وحدي معه وكان الطريق إلى المستشفى طويلاً جداً هكذا يُصوَّرُ لي
لم أجبه على اسئلته التي تصاحب صوته المرتفع المخيف ,
وصلنا إلى المستشفى وايضاً هذه المرة لم يحملني من السيارة
بل إكتفى بمجموعة من العمالة المختصة بنقل المرضى إلى الطوارئ

إستقبلنا الطبيب وتم إجراء الفحوصات وكل ذلك وأنا على كرسي متحرك يقوده عامل أجنبي
وأبي يمشي في الخلف
أُحَدِثُ نفسي كيف لأبي أن يكون كذلك
ماذا فعلت وماهو الجرم الذي أستحق على إثره هذه المعاملة
قال الطبيب لأبي أبنك يعاني من شلل نصفي
وفيه هذه المرة أيضاً إجهم وجه أبي وإرتفعت الدماء إليه
وكأنني أنا المتسبب في شللي
أو كأنني فعلت خطأ يجب عليه معاقبتي كما يفعل دائماً
لم يسأل أبي عن مسببات هذا المُصاب
وأكتفى بإشارة للعامل الأجنبي بأن ينقلني إلى السيارة
وصراخ كثير في الطريق حتى وصلنا إلى منزل خالتي
ولازلت أمارس الصمت معه
ربما أردت أن أغيظه أكثر أو أنني حقاً كنت خائف أكثر من اللازم

لأنني حقاً لا أعلم ماذا أصابني وبسبب ماذا و من أُصِبتُ بالشلل ,


للموت بقيّة ..

1-11-2010












عرض البوم صور جزاء السلطاني   رد مع اقتباس
 


(مشاهدة الكل الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 1

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. diamond