النملة والبيروقراطية!
للنمل قصص كثيرة، أشهرها قصتهم مع النبي سليمان، عليه السلام، وعادة ما تبنى قصص النمل حول جدّيتها، وعملها الدؤوب لتحصيل الرزق لها، ولعائلتها، ومن ألطف ما وردني هو قصة بطلتها نملة، ولكن مغزى القصة هو نقد البيروقراطية، وتقول القصة ما يلي:-
في الغابة، كانت هناك نملة تعمل بجدّ، وبدون كلل أو ملل، وكانت سعيدة، وعندما شاهدها ملك الغابة، الأسد، تساءل: إن كانت النملة تعمل بهذا المستوى من العمل الدؤوب، بدون إشراف عليها، فلابد أن إنتاجيتها ستزيد، لو كان هناك مشرف عليها!! وقام الأسد بتعيين يعسوب كمشرف عام، وكان أول قرارات المشرف، هو وضع ساعة لرصد بدء العمل، ونهايته، ثم عين مساعداً له، عنكبوتاً، لتنظيم الملفات، وطباعة التقارير. وأعجب الأسد بتقارير المشرف، وطلب منه إضافة شرائح، ورسومات بيانية، لكي يقدمها إلى مجلس إدارة الغابة، وذلك تطلّب شراء كمبيوتر، وطابعة ليزر، ومن ثم تم تعيين ببغاء، لإدارة قسم المعلوماتية (الكمبيوتر).
تململت النملة من تلك الإجراءات، وإضاعة وقتها في اجتماعات، وهي التي ترغب في العمل، ولكن الأسد رأى الحاجة إلى إضافة مدير مباشر للإنتاج، لمتابعة العمل بشكل لصيق، وعيّن عصفوراًً، وذلك تطلّب تجهيز مكتب آخر، ثم تعيين مساعد له، لغرض وضع ميزانية، واستراتيجية لتعظيم الإنتاج. وانقلبت بيئة العمل إلى بيئة حزينة، حيث أن الجميع متوترٌ، ولا أحد يبتسم. وحين لاحظ الأسد انخفاض الإنتاجية، قام بالتعاقد مع بومة، كاستشاري لتقييم بيئة العمل، وبعد ثلاثة أشهر، قدّم الاستشاري نتائج عمله، في ثلاثة مجلدات ملخصها: "أن بيئة العمل في الغابة غير سليمة، لأن في الغابة عمالة فائضة عن الحاجة".
بناءً على تلك التوصية، قام الأسد بتعيين مستشار متخصص في الموارد البشرية، وقد اختار لتلك المهمة الذئب، لأنه لا توجد في قلبه ذرة رحمة، وبسرعة قدّم المستشار توصية بأن العامل الذي انخفضت إنتاجيته بشكل أكثر من غيره، ووضعه النفسي محبط، هو النملة، وأوصى بتسريحها، وقام الأسد بتسريح النملة!!
كم من إداراتنا في القطاع الحكومي، أو القطاع الخاص، تعتمد في عملها على نملة واحدة فقط؟! وكم منها سرّحت نملها؟! وبقي باقي موظفيها، بدون عمل، أو كما يقال: "يهشون الذباب"؟!
منقول
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----