نكمل الحديث عن ظواهر تربوية تعليمية في منطقتنا وبالتحديد سنتحدث عن فئة محددة من المعلمين .
وحتى لا يفهم مقالي على صورة خاطئة , فالغالبية العظمى من إخواني المعلمين هم على قدر كبير من المسؤولية وهم من أفضل الكفاءات التعليمية على مستوى المملكة .
كما أنني لا أتحدث عمن تجبره ظروفه المؤقتة عائليا أو صحيا أو اجتماعيا على التقصير بعمله .
بل أتحدث عن المعلمين المقصرين في أعمالهم ودورهم التربوي بشكل متعمد ودائم وبدون أي أسباب منطقية.
ويكون انتشار هذه الفئة على شكل معلم أو اثنين على الأكثر في بعض المدارس وقد ينعدم في بعض المدارس , ورغم قلتها فلابد من التطرق لها نظرا لحساسية وظيفة المعلم وأهميتها .
تتميز هذه الفئة بضعف في الحس التعليمي يتمثل بأداء دورهم التربوي والتعليمي في حده الأدنى أو دون ذلك أحيانا.
فتجدهم يغيبون كثيرا بدون أسباب منطقية , ويتعمدون التأخر عن الطابور الصباحي بشكل شبه يومي .
وفي داخل الحصة الدراسية يكون أداؤهم شكليا فقط ولا يتعبون أنفسهم بشرح الدروس بالشكل المطلوب .
وتجدهم يهملون مبادئ تربوية ونفسية هامة مثل (الفروق الفردية ) و(القدرات الطائفية) و(استخدام الوسيلة المناسبة) و(التغيير في أسلوب الشرح ) و (المتابعة والتقويم)و(خصائص مراحل النمو) و(البدائل التربوية للعقاب )وغيرها مما لها كبير الأثر في نفوس الطلاب وزيادة أو نقص تحصيلهم العلمي.
وقد تجد بعضهم يدخل الصف متجهما مهموما بشكل دائم مما يسبب رعبا للطلاب وخصوصا في المرحلة الابتدائية وهنا يكون قد قام بقطع جسر التفاعل والتواصل بينه وبين طلابه فيذهب وقت الحصة هباءً منثورا .
وقد تجد بعضهم يتلفظ على طلابه بألفاظ غير لائقة ويتساهل في هذا الأمر الشنيع والمذموم شرعا ويحدث انكسارا في نفسية الطالب قد لا ينمحي هذا الأثر السيء من عقل الطالب أبدا ويظل يؤثر بنفسيته سلبيا لسنين طويلة.
ويحاول بعضهم السيطرة على فصله بالضرب و الصراخ في حين يستطيع فعل ذلك بطرق تربوية يفرض خلالها احترام شخصيته على طلابه من خلال تمكنه العلمي للمادة التي يدرسها وتعامله الإنساني مع طلابه .
وتجد بعضهم يتأخر في دخول الحصة عدة دقائق بشكل متعمد ويخرج منها قبل نهايتها ويستمر على هذا الحال .
وللأسف قد تتلقى هذه الفئة معاملة ((مميزة)) من بعض مديري المدارس اعتقادا منهم أنها أسلم طريقة لعلاجهم واحتوائهم, ولكن تمر السنين وهم ثابتون على حالهم , بينما قد يعامل المعلم المنضبط وفق الأنظمة والتعليمات حرفيا وقد يحاسب من أول خطأ يقع به , فتتحطم دافعيته الذاتية لبذل مزيد من العطاء التعليمي ويتحول إلى خانة الجمود والخمول بسب موقف خاطئ من مدير لا يعرف ابسط فنون الإدارة.
وهنا أدعو كل زميل ينتمي لهذه الفئة المقصرة , أن يعيد حساباته ويقيم عمله وأداءه بما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبما يتوافق مع الأمانة الملقاة على عاتقه كمربي أجيال .
وأن لا ينخدع بحيلة الشيطان بحجة عدم منحه الدرجة المستحقة وفروقاتها , حيث أن من تسبب بحرمانه من حقوقه المالية فحسابه على الله عاجلا أو آجلا , ولا يجوز محاسبة الطلاب على ذنب اقترفه غيرهم , فالآية الكريمة تقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة
وما توفيقي إلا بالله .
نايف العميم