جيمس أرثر بلفور
وعد بلفور أو تصريح بلفور المعروف أيضاً بـوعد من لا يملك لمن لا يستحق وذلك بناء على المقولة المزيفة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض تطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
صورة من وعد بلفور مع كاتبه
نص الرسالة:وعد بلفور
«إن حكومة صاحب الجلالة ترى بعين العطف تأسيس بيت قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يُفهَم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين، أو الحقوق و الوضع السياسي التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر.»
أصدر وزير الخارجبة البريطاني جيمس آرثر بلفور يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 تصريحا مكتوبا وجهه باسم الحكومة البريطانية إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد (1868-1937)، يتعهد فيه بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، واشتهر التصريح باسم وعد بلفور.
الدوافع والأسباب
وقد اختلفت التفسيرات والدوافع وراء هذا الوعد، فبلفور نفسه برره بأنه بدافع إنساني، في حين رأت فيه مصادر إسرائيلية تاريخية مكافأة للباحث حاييم وايزمان لخدمته بريطانيا باكتشافات علمية أثناء الحرب العالمية الأولى.
ويرفض باحثون عرب هذه التفسيرات استنادا إلى أحداث وقراءات تاريخية مفادها أن بلفور "لم يكن يفكر في مأساة اليهود الإنسانية"، بل على العكس من ذلك فقد رفض التدخل لدى الروس لمنعهم من "اضطهاد اليهود". كما أن مساهمة اليهود في دعم بريطانيا في الحرب "كانت محدودة ومقتصرة على بعض اليهود غير الصهاينة".
أما لويد جورج الذي أصدرت حكومته الوعد فقد برر القرار في كتابه "الحقيقة حول معاهدات الصلح" بعدة عوامل منها ما يفيد بأنه كان هناك سباق مع ألمانيا حول كسب اليهود إلى جانبهم.
ورأت بعض الصحف البريطانية حينها في وعد بلفور إيجادا لقاعدة صهيونية في فلسطين لحماية مصالح بريطانيا في المنطقة، فضلا عن مد نفوذها الإمبراطوري إلى هناك.
الوعد والاستعمار
أما الرؤية العربية والإسلامية فترى أنه كان هناك سعي صهيوني حثيث جعل الوعد جزءا من الحركة الاستعمارية التي ربطت "الصهيونية" بها لتحقيق أهدافها في المنطقة، خاصة أنه أعقب الوعد بفترة قليلة بداية الاستعمار الفعلي لفلسطين، حيث أتم البريطانيون إخضاعهم لفلسطين ما بين عامي 1917 و1918، ورافق الوعد سياستهم في فلسطين منذ صدوره وحتى خروجهم منها.
فالوعد كان حاضرا في مؤتمر سان ريمو (1920) الذي منح فيه الحلفاء بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وكان حاضرا في عصبة الأمم التي صادقت في يوليو/ تموز 1922 على صك إقرار الانتداب البريطاني، فالصك كان يتضمن في مقدمته نص تصريح وعد بلفور مع تخويل لبريطانيا بتنفيذ الوعد.
كما كان الوعد حاضرا في دستور فلسطين الذي أصدرته بريطانيا بعد أسبوعين من إقرار انتدابها أمميا، حيث ضمنت مقدمته نص تصريح وعد بلفور أيضا.
وعد الوعود
هذا كله أعطى الوعد قيمة قانونية دولية بغض النظر عن صحتها، وأصبح مرجعا فعالا للاعتراضات اليهودية والصهيونية لكل ما يعتقدون أنه يخالف نص هذا الوعد أو تفسيراته.
مر تسعون عاما على وعد بلفور ولا تزال له أهميته، لأن ما سمي بالوطن اليهودي في هذا الوعد لا يزال يتمدد ويأكل من وطن كان للفلسطينيين
خاصة أن ردود فعل الدول الكبرى -المؤثرة- على الوعد حين صدوره كانت مفعمة بتأييد واضح لاستبدال اليد العليا العربية في فلسطين باليد العليا لليهود، فوقتها أيدت الوعد فرنسا وإيطاليا وأميركا بطريقة تسمح للبعض بالقول إن وعد بلفور كان وعدا غربيا وليس بريطانيا فحسب، أو أنه تأييد يرقى إلى منزلة "الوعد"، خاصة من أميركا التي تشاركت النفوذ البريطاني في فلسطين في مراحل لاحقة قبل أن ترثه.
فالكونغرس الأميركي أصدر عام 1922 قرارا أيد فيه وعد بلفور بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وقد تقدمت هذه السياسة مع تزايد النفوذ الأميركي في المنطقة حتى أصبح تعهدا إستراتيجيا أميركيا برعاية إسرائيل وحمايتها.
وقد مرت تسعون عاما على وعد بلفور ولا تزال له أهميته، لأن ما سمي "بالوطن اليهودي" في هذا "الوعد" لا يزال يتمدد ويأكل من وطن كان للفلسطينيين -وفيه مقدسات للمسلمين- وتسبب في تشريد الملايين فضلا عمن قتل.
وعند كل ذكرى سنوية لوعد بلفور أصبح من العادة أن يطالب كتاب ومثقفون عرب من بريطانيا الاعتذار عن هذا الوعد جراء ما تسببه لشعوب المنطقة، خاصة بعد وضوح أسبابه الاستعمارية غير النبيلة كما يرون.