عَجَـــبًا لكَ يَا اِبْنَ آدَم
تنـْــظرْ إلى الكوْن كُـــلّهِ يـــُسَبّح باِسْــــــم رَبـــــّهِ
و أنت العَبْدُ الذلِيلُ ترْفـُـض أنْ تـَـسْجُـــدَ وَ تـرْكع
ترَى الطّيُورَ تتوَكّل عَــــــــــلى الرّحْمــــــان
و أنْتَ العَــــــبْدُ الفـــقيرُ تتجبّرْ ولا تخـــضَعْ
ترَى الجبال تنْهـــارُ لِسَمَاع القـــــــــرآن
وأنت العبدُ الضّعِيفُ تتكبّرْ و لا تجـزع
عَجَـــبًا لكَ يَا اِبْنَ آدَم
خلق لك الله كُـلّ ما على الأرض و أبْدَع
و أنـــــت تشـــــتـكي و لا تــــقـــــــــنَع
تمْلِكُ مَا يَكْـفِيكَ و النـّفـْــسُ لا تـَــشْــبَــع
و لوْ تمْلِك فوْق ذلِك فإنّكَ لِلمَزيدِ تطمَع
عَجَـــــبًا لكَ يَا اِبْنَ آدَم
تسْمَعُ المَوَاعِظ و لكِنّكَ قاس و القلبُ لا يَخـْــشع
تسْمَعُ اللّوْمَ و لكِنّكَ جَامِد و العَيْــنُ لا تـَـــدْمَـــع
يأتِيك النّصْحُ مِنْ كلّ مَكـــــان و رَغــــــمَ أنّ الأذنَ سَلِيمَة إلاّ أنّها لا تسمع
و لمْ يَمَلّ صَاحِبُـك مِنَ النّصْح وَ أنتَ تقول أنّ رَأسَكَ مِنَ النّصْح قدْ تصَدّع
عَجَــــبًا لكَ يَا اِبْنَ آدَم
مُتمَسّك بالحيَاةِ و تعْلم أنّنَا كـُــلّنَا القصور و الأمـــــوال سَنـُـــوَدّع
مُتشبّث بالدّنيا و تعْلم أنّنا سَنَـــخرُج مِنهـَــــا وَ وَالله لنْ نرْجـــــــع
تبكي و تتحَسّر على أمُور فانِيَاتٍ و تعـْــلم أنّهَا في القيَامَة لنْ تنفع
عَجَـــبـًــا لكَ يَا اِبْنَ آدَم
تعـْـــلمْ أنّ النّهاية قريبَة و لكِنّك تتهَاوَن و لا تـُـــــسْرعْ
تعْلمْ أنّ أهْوَال القيَامَة شدِيدَة و لكِنّكَ مُطمَئِن و لا تفزَعْ
تعْلمْ أنّ الله يَقبَل التـّـــوْبَة و لكِنّكَ لبَــــــابهِ لا تقــــرَعْ
يا اِبْنَ آدَمْ لا تقـُــل إنّكَ تُحِبّ الله فإنّ الله لا يُخـْــدَعْ
فالحَبيبُ يـَــــذِلّ نـَـــفـسَهُ لِلمَحْبُوبِ و يَخــــــضعْ
يا اِبْنَ آدَم كفاكَ بُعْدًا فإنّي أعْلمُ أنّكَ مُشْتـَــاق للتّوْبَة
و أنّك مِنَ البُعْدِ تتوَجّع
اِقتربْ و واِنـْـكَسِرْ في حُبّ الله، و ذِلّ نَفسَكَ مِنْ أجْلِهِ و اٌخشَعْ
فسَتـــــرَى أنّ النّـــفسَ ستندم والعين سوْفَ تـَــدْمَع
و ستجد الباب مفتوحا قبْل أنْ تقرَع
فلا تبْــــتعِدْ و إلى رَبّكَ اِرْجع