قصيــدة رثـــاء بالشيخ / حـسان زبــيدي
فقيد الحرمين
د.أحمد بن محمّد الأهدل
وجعٌ بعينكَ أم نواحُ الشادِ
أبكي فؤادكَ أم حبيبُ رشادِ؟
فذرفتَ دمعاً حرهُ مثلُ اللظى
يجري على خديكَ مثل مدادِ
ورحلتَ عني والفؤادُ ممزقٌ
من دونِ وعدٍ منكَ أو ميعادِ
حسانُ بُعدكَ زاد من نار الجَوى
فنحرتُ قلبي واكتسيتُ سوادي
ما كنتُ أحسبُ أن فقدكَ مُتلفي
حتى شعرتُ بطعنةٍ بفؤادِي
بكت المآذنُ في مدينةِ طيبةٍ
وجبالُ مكةَ والرُبا والوادِي
ووفودُ طيبةَ قد أتت من طيبةٍ
تبكي عليكَ بحرقةِ الأكبادِ
في جمعةٍ مبرورةٍ وبمكةَ
صلت عليك حواضرٌ وبوادِ
دفنوك في يومٍ شديدٍ حرُّه
لكنَّ قبرَك جنةُ الورَّادِ
من كان في كنفِ الإلهِ وحفظهِ
يغدو كعرسٍ زفَّ للأنجادِ
ازجي عليك اللهُ وابلَ رحمةٍ
مشفوعةٍ بمحبةِ الأشهادِ
فلقد رأيتُ الناسَ يأتي جمعُهم
لعزاءِ أهلكَ من جميعِ بلادِي
ورأيتُهم عند المقابرِ دمعُهم
ابكى الجميعَ فكيف بالآحادِ
تركوك في قبرٍ وحيداً بعدَهم
جسداً وروحُك عند ربٍ هادِي
ما كنتُ يومًا مدركًا لفعالِهم
أن يدفنوا قلبي بوسطِ الوادِي
لكنَّ دفنَ الناسِ كان ولم يزلْ
شرع الإلهِ مع النبي الهادي
فانعمْ بنومكَ هانئًا في جنةٍ
مخضرةِ الأغصانِ والأعوادِ
حسبي بأنكَ في ظلالِ ربوعِها
مع من رعتكَ برفقةِ الأجدادِ
أُعطيتَ منزلةَ الشهيدِ بجنةٍ
من غيرِ ما حربٍ ولا استشهادِ
فلقد صبرتَ على البلاءِ فهذه
حورُ الجنانِ أتتكَ دونَ عدادِ
وأظنُّ أنكَ في السماءِ متوجٌ
فرحًا تقودُ مواكبَ الأعيادِ
في دارِ خلدٍ لا يجفُّ معينُها
اهنأْ بفيضِ كرامةِ الوفادِ
لا غروَ أنكَ كنتَ فينا صادحاً
اللهُ أكبرُ بالأذانِ تنادِي
اللهُ أكبرُ راحةٌ لقلوبنا
تُروي بها ظمأَ الغليلِ الصادِي
صوتٌ جميلٌ رائعٌ متدفقٌ
يَسري إلى الأرواحِ كالإنشادِ
وعلى محياكَ الوضيءِ بشارةٌ
نورٌ تلألأ سيمةَ العبادِ
ما كنتُ أعلمُ أن موتكَ تاركٌ
جرحاً عميقاً نزفُه متمادِي
حسانُ حسبُك دائمًا ربُّ السما
ربٌّ كريمٌ أجودُ الأجوادِ
مَن كان ضيفًا عنده أكرمْ به
قد فاز بالإنعامِ والإبرادِ
أدعو الإلهَ بكلِّ قلبٍ صادقٍ
سكناكَ في الفردوسِ يومَ معادِ
حسانُ أنتَ فقيدُنا وحبيبُنا
ما زال جرحُك في صميمِ فؤادِي
حسانُ صحبُك بعد فقدِكَ أصبحوا
بمصابِهم في فرقةٍ وبعادِ
أرجوكَ ربي أن تعوّضَ أهلَه
بالصبرِ والإحسانِ والإرشادِ
واجعل محبتَنا له براً به
للأهلِ والإخوانِ والأولادِ
وأبوهُ ذاكَ الشهمُ سيدُ مكةَ
من يُرتجي لشدائدِ الآمادِ
وصلاةُ ربي دائمًا وسلامُه
للمصطفى ولآلهِ الزهادِ
وصحابهِ والتابعينَ لدربِهم
ما قام يدعو للصلاة منادي