في حواره مع موقع «اسلام اون لاين»، اعتبر د.علي جمعة مفتي الديار المصرية أن السلفية المتشددة أقرب إلى العلمانية منها إلى الإسلام، وأن الفكر السلفي المنغلق هو الوجه الآخر للفكر العلماني، شارحا أنه إذا كانت العلمانية تريد أن تعزل الدين عن سير الحياة، فإن السلفية تسعى إلى أن تنعزل بالدين عن الواقع.
واعتبر د. علي جمعة أن د.عبد الوهاب المسيري المفكر المصري الراحل هو أول من شرح هذا وهو يصف السلفية بأنها أقرب إلى العلمانية، وباختصار شديد يمكن القول إن العلمانية لا تنكر الدين، لكنها تنحي الدين عن سير الحياة، والسلفية المتشددة تريد أن تنعزل بالدين عن سير الحياة.
وأضاف ان «العلمانية تؤمن بالخصوصية، ولذلك تدعو إلى اختصاص كل قوم بلغتهم، بثقافتهم، بفلكلورهم، بتاريخهم، بمصالحهم، فهي تؤيد انفصال الأكراد والتركمان والعرب والشيعة من السنة والأقباط من المسلمين، العلمانية تريد هذا. لذلك تريد خريطة أخرى للعالم. وبدلا من 200 دولة يصبح 400 دولة».
وتابع «والسلفي المتشدد يريد الخصوصية، يريد أن تتركه في حاله، يلبس كما يشاء ويصلي كما يشاء منعزلا في مسجده. ولذلك تجد هذه السلفية التدميرية تبني برنامجا كثير الجزئيات حتى يعيش فيه الإنسان بعيدا عن ممارسة الحياة، إذن فالسلفية تقابلها العلمانية، ولذلك رأينا العلمانية وهي تبارك السلفية إلى أن لدغت منها في المصالح، ولكن الفكر السلفي هو الوجه الآخر للفكر العلماني وهو لا يدري».
ويستطرد المفتي شارحا رؤيته «عندما يسمع السلفيون هذا الكلام يغضبون، يقولون لا. نحن مؤمنون والعلمانية كفر. أبدا، العلمانية أصلا لم ينكروا الدين، هم يريدون أن يخصصوا الدين أو يعزلوا الدين، وأنتم تريدون أن تنعزلوا بالدين، وهذه هي المشابهة».
وتابع «كان بعض دعاة السلفية يقول: إن هؤلاء الناس يدعون إلى الإسلام المتميع، لكننا ندعو لإسلام غير متميع، هو يراه على هذا النحو لأن به جزئيات كثيرة، يقول للفرد افعل، افعل، افعل، ولا تفعل، لا تفعل، لا تفعل. وهذه الجزئيات كلها مختصة بالخصوصية وبالهوية، ومختصة بالاعتزال لا بالتفاعل، ومن هنا كانت هناك مشابهة، مشابهة أستطيع أن أقول إنها مؤلمة لكنها حقيقية».
ورأى الشيخ د.علي جمعة أن انتشار السلفية جاء كردة فعل على موجات العلمانية التي تكتسح المجتمعات الإسلامية، وقال «عندما تريد هذه المجتمعات أن تتمسك بهويتها، فلا يكون عندها قدرة على التفكر والوسطية والاعتدال والانفتاح والترقب، فتلقي نفسها في أحضان السلفية، لأن السلفية حينئذ ستمثل لها هوية محددة». ونفى المفتي في المقابل أن تكون ثقة جموع المسلمين في الأزهر قد اهتزت في السنوات الأخيرة، مشددا على أن المنهج الأزهري الوسطي «كالهرم، يتجاوز الزمان والمكان، وسيظل هرما». وقال إنه مطمئن لكل الفتاوى التي أصدرها خلال ثمانية أعوام تقريبا قضاها في منصبه، ولا يعتقد أنه بحاجة لأن يراجع أيا منها، لأن كل ما صدر كان جهدا مؤسسيا «عدنا فيه دائما لأهل الذكر، ولم يكن اجتهادا فرديا».