لا يعنيني البطل البعثي والشيوعي (المنتظر الزيدي) الغير منتظر منه أي زيادة، سوى نقصان الدين
والعقل والخلق، ولا يعنيني ايضا بوش وهو في آخر عهده الغير ميمون، وان كنت أرى أنه خدم الأمة الأمريكية أكثر بكثير من حكامنا العرب والمسلمين في خدمتهم لدينهم وأمتهم.
ولكن الذي يؤرقني هو حالة الاحباط واليأس وقلة الوعي التي تعاني منها أمتنا العربية والاسلامية،
عندما سارعت بلا أدنى خلق الى الاحساس بالنشوة والفخر بالخطيئة التي تعكس مستوانا في
الشجاعة والتعبير، فتعبيرنا بالأحذية أصبح أكثر ما يميزنا، وغدت (القندرة) بكل ما فيها من وقاحة ورائحة كريهة أسلوبنا المفضل عند رفض سياسة أو نهج او شخص.
ومهما يكن مقدار كرهنا للرئيس الأمريكي بوش، فطريقة التعبير عن ذلك الكره كانت بأسلوب أقل ما
يقال فيه أنه أسلوب الضعفاء المنحطين في مجتمعاتهم، ولكون ذلك البعثي الشيوعي قام بفعلته التي
ماكانت لتطرأ على ذهنه حتى عند خلده للنوم في عهد صدام، لأن مجرد التفكير فيها فان مصيره الى
جحيم أسود، وما تجرأ الآن الا ليقينه أنه لن يتعسف في ظلمه أحد، والدافع الآخر له، هو يقينه بأن أبواب البطولة ستشرع له يدخل منها كيفما شاء عند جموع العرب والمسلمين.
فالعرب والمسلمون مختلون في كل شي، لا يفهمون معنى البطولة ولا فعلها ولا توقيتها، لذلك حالة
الانحطاط التي تعيشها أمتنا هي بمستوى (قندرة) التعبير التي أفرحت أبناء (الجزيرة الفضائية)، التي
من حقها أن تكرر اللقطة التلفزية في زواياها السبع وليس الأربع، وغير مستغرب عليها تناول الخبر
لطرافته وغرابته واستثنائيته، ولكن ان تذهب الى التحليل والمراجعة وتخصيص البرامج، هي وأختها
الكبرى الـ (bbc) العربية في التعرف على مشاعر المستمعين والمشاهدين ثم وصف الحدث بالتاريخي، ياللخزي والعار أن يكون تاريخنا مرصعاً بجواهر الأحذية.
أما بعض العراقيين يبدو أن صلتهم (بالقنادر) وثيقة فرؤية المظاهرات في وسط بغداد،وهي تحمل
قنادرشهادة التقدير ونوط الشجاعة برفع أداة التخلف في التعبير عن الرأي، ربما تعود تلك الصلة الى
أيام صدام، وهي صلة غير مأسوف عليها، فقنادر علي حسن المجيد وبرزان التكريتي وأزلامهم حطت من
قدر الانسان العراقي وأهانته الى حد التعدي على آدميته، وجعلت ثقافة القندرة هي الغالبة في التعبير والشتم سواء.
والشأن العربي والاسلامي لا يبتعد كثيرا عن واقع الحال العراقي، فعندما أظهر التلفزيون العراقي ابان عهد صدام ذلك الشاوي معدوم الحال مع بندقيته المتهالكة وأجبروه على ادعاء اسقاط الأباتشي،
انتشى العرب وأحسوا بنشوة الفخر وقرب النصر، وعندما قتل عدي وقصي أطلقوا عليهما لقب الشهادة وباتا شهداء الأمة، فليس بغريب على الأمة اليوم أن تنعت (الغير منتظر الناقص) بالبطل.
ان البطولة الحقيقية والشجاعة الحقة، هي بطولة وشجاعة ربعي بن عامر رضي الله عنه وأرضاه، أحد
قادة المسلمين في القادسية، دخل على رستم قائد بلاد فارس وسط جنوده، فقال رستم وهو يضحك :
ماذا جاء بكم؟ ومع ربعي رمح مثلَّم وثوب ممزق، وفرس كبير معقور، جئتم تفتحون الدنيا بهذا الفرس
المعقور والرمح المثلم والثوب الممزق؟! قال ربعي :ان الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة
رب العباد، ومن ضيق الدنيا الى سعة الآخرة، ومن جور الأديان الى عدل الاسلام فقال رستم : لا تخرج
من قصري حتى تحمل تراباً على رأسك، فحمله، ولم يغضب ويشتط انما قال لأصحابه: هذه بشرى أن يملكنا الله أرضهم، وقد تحقق له.. دون بطولات كاذبة.
بكل تجرد.. أمتنا فقدت قدرتها على التعبير وكسبت للأسف قندرة التعبير.