فاطمة.. تسعينية تحفظ القرآن
تتحدى المواطنة فاطمة محمد علي عمرها الذي قارب على الـ90 عاماً، وتخرج من بيتها كل صباح لتسير
ما يزيد على 600 متر إلى المسجد، طمعاً في حفظ أجزاء من القرآن الكريم.
ومنذ عام 1970 وهي تواظب على هذا الأمر، حتى تمكنت من حفظ ثلاثة أجزاء من كتاب الله، وكرّمتها
مؤسسة القرآن الكريم في الشارقة بوصفها «أكبر حافظة للقرآن في العالم».
وفاطمة التي لاتجيد القراءة والكتابة، هي أم لستة أبناء، وجدة لـ٥٥ حفيداً، وأنجب أحفادها 15 ابناً،
ومتعتها الكبرى في الحياة أن تجلس إلى جوارهم تحفّظهم القرآن، وتستمع منهم إلى قصص الأنبياء،
وإلى شرح لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقالت «لقد ضاعت سنوات كثيرة من عمري وأنا أحفظ القليل من القرآن الكريم، وبعد أن ربيت أبنائي
وأحفادي خير تربية عقب وفاة زوجي، كان لابد أن أعوّض ما فاتني من حفظ كتاب الله»، مضيفة «لا
أُبالي بمشاق الطريق الذي أسلكه حتى أصل إلى المسجد في حر الصيف وبرد الشتاء، المهم أن أحفظ
يومياً آيات من القرآن الكريم».
ويقول حفيدها الباحث القانوني، بدر كرم: «منذ أكثر من 38 عاماً، وجدتي حريصة على التوجّه إلى حلقات
تحفيظ القرآن في المساجد، وكلما انتقلنا إلى مسكن جديد تبحث عن أقرب حلقة تحفيظ، وتنضم إليها».
وأضاف «تستيقظ جدتي يومياً مع صلاة الفجر، لتصلي، ثم تتلو ماتحفظه من آيات القرآن الكريم، وفي
الساعة الثامنة صباحاً تتوجّه إلى المسجد سيراً على الأقدام لمسافة تزيد على نصف كيلومتر».
ويتابع: «على الرغم من أن الطريق ترابي وغير ممهد، فإنها تتحامل على نفسها وتواصل السير، وإذا
تعبت أو أنهكها الحر تجلس تحت أقرب شجرة لتستريح ثم تواصل سيرها. ويومياً تحفظ جدتي بعض
الآيات من القرآن وتتلو أمام المشرفة الدينية ما سبق وأن حفظته، حتى أنها قاربت على حفظ ثلاثة أجزاء
من القرآن».
وأشار إلى أنها «تعود إلى المنزل وتتحمل المعاناة نفسها، لكنها لاتشعر بملل أو كلل، وبمجرد وصولها
إلى البيت ظهراً، تطلب أن تستمع إلى تسجيلات لكبار قرّاء القرآن، خصوصاً الحذيفي، والسديس،
والشريم، لتتلو وراءهم ما حفظته في الحلقة».
ويروي بدر أن جدته «تصل أحياناً الليل بالنهار تتلو الأجزاء الثلاثة التي حفظتها من القرآن الكريم حتى
لاتنسى منه شيئاً، وعلى الرغم من أنها لا تجيد القراءة فإنها تمسك المصحف وتتأمله وهي تتلو الآيات».
وأضاف «قبل أن تحفظ جدتي أجزاءً من القرآن، كانت كلما استمعت إلى أي سورة ترقرقت عيناها
بالدموع، ندماً على السنوات الطويلة التي ضاعت من عمرها من دون أن تحفظ تلك السور».
ويواصل «كلما شرحنا لها معنى حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، تتأثر بشدة، وتطلب منا مزيداً من
شرح الأحاديث والآيات، حتى وجدت ضالتها في حلقات تحفيظ القرآن في المساجد، وانضمت إليها على
الرغم من عمرها الكبير»، مضيفاً «لم نرَ جدتنا سعيدة قدر سعادتها بالانضمام الى حلقات التحفيظ».
ويشير الحفيد إلى أن كل ماتتمناه جدته هو أن «تحفظ أجزاءً أخرى من القرآن الكريم، وتختتم حياتها
بأداء فريضة الحج».
منقول