الحِلم الأسطولي [ الجزء الخامس ]

وقفت أرتب نفسي للكلمـه و إستئذنتُ القائِد بأن يجعل الطباخ مترجماً لـي لكي يفهم الجميع ماذا أقول .. فسمح لي بذلك ..

جاء الطباخ ووقف بجانبي .. اخذت المايكروفون وتحدثت..

إنه بسم الله الرحمن الرحيم منزل التوراة والإنجيل

ومُرسل محمد صلى الله عليه وسلم خاتم للنبيين وجاعل معجزته قرآن مجيد في لوحٍ محفوظ

أما قبل

فكل شيء يدعوا للريبة هنــا ,

قضيت تلك الساعات منذ أن ركبنا هذا الأسطول وكأنني كمن أُلقيَ في [ دوامة الماء ]

ولم يعد يعي ما يفعلهُ أو يصدق ما يراهُ إثر اختلاط العِكر بالصافي من الحدث ..

لم يحدث شيء في الحقيقة سوى أنني [ أضعتني ] في دوامتكم بعدما كنت أظن أنني وجدتني من خلال هذه الرحلة التي تخصني أكثر مما تخصكم ,

فالقضية [ إسلام وَ مُسلمين ] والأسطول بالكامل يكاد يخلوا مِنَّا أصحاب القضية ..

فالخيبات لازالت تلاحقني وَ مايحدث لي لم أحسب له حساب إطلاقاً ولم اتهيأ لـه بتاتاً

فـ كنت أظن ولم يتحقق الظن للأسف بوجود عُصبة من بني جلدتي يشدون من أزري

وأُرَبِتُ على عزائمهم ونكون معتصمين بحبل الله مجتمعين على نبذ الطاغوت في كل صورِهِ ,

فوجدتني بين أبناءٍ لا يمتون لي بصلة سِوى أنني أؤمن بأنبيائهم وأنبذ عقائدهم يفعلون مالايجب أن أفعله كمسلم ويتخذون البحر سبيلاً لقضية لا تؤمن بمبدأ المنكرات ..

فكيف لي أن أصدق أن الغاية [ نبيلــة ] وأن الكافر المُخالف سينقذني من يد كافرٍ آخر لمجرد أن الأول [ يؤمن بالحرية ]

أبداً لم تكن هذه الرؤية موجودة لديَّ مسبقاً لذلك لا أجد فرصة للتصديق..

مهما إنسكبَ النُبل من حولي .. كيف أجد بياض التصرف والعقيدة سوداء تجاهي وَ مُدُني وَ أصدقائي .!

لكن مجبرٌ أنـا على أن أمشي هذا الطريق مهما صعب ومهما تكالبت الخيبات وتعاضدت نقاط السواد المؤدية إلى النور ..

أما بعد يا أصدقائي :

أنا إبن ثلاثٍ وثلاثين و الفقر مني يقترب قيد رمح ,

مسلم الديانة عربي الأصل ,

طيب جداً وأحب الجميع وَ أربي الحيوانات الأليفة وَ أحياناً أقتلهـا وهذا لا يعني أنني مجرم يعشق منظر الدم ..

أنا منذ أن علِمتُ بقضيتنا التي نشد لها رحالنـا في هذه الأسطول وأنا أتمزق من الألم والحسرة وَ أضعفُ في كل مرةٍ يراودني هذا الإحساس

حتى كدت أن أنحل من عميق تفكيري وَ رغبتي في أن يتحقق الحلم وينعم الجميع هناك بالراحة ..

لا أخفيكم سراً كل شأن يقدم عليه المرء يجب أن يتحلى بالعقلانية وأنا أفقد هذه العقلانية في أمرنـا هذا والذي إجتمعنا عليه دون تخطيط على الأقل من جهتي وابرأ لله من ما تكتمون ..

ديانتي وعربيتي تفرضان عليَّ حسن النيّة

وأن لا أخوِّن الآخرين حتى تكون لدي البينة على ذلك ..

وفي الحقيقة لم يتبين لي سوى أنكم أشخاص لم أتعاطاهم من قبل ولا أعلم عن سرائرهم إلا إن كنت أعلم عن يوم حتفي ..

إلى السادس بعد رمضان ..

25 - 8 - 2010