قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((وكلّ ما أوجب فتنة وفُرقة فليس من الدّين، سواء كان قولاً أو فعلاً)) (الاستقامة 1/34)
في هذا الكلام من هذا الإمام العظيم والعالم النّحرير تقرير لأصل عظيم من أصول الشريعة الغرّاء ألا وهو: نبذ الفُرقة والاختلاف والحثّ على الوحدة والائتلاف.
فكلُّ ما أدّى إلى اختلاف المسلمين وتفرّقهم وتصارعهم واقتتالهم فليس من دين الله تعالى. كيف وهو الدّين الذي تحفُّه الوحدة من كلّ جانب ! فربٌّنا واحد سبحانه وتعالى ورسولنا واحدٌ صلى الله عليه وسلّم وكتابنا واحدٌ وقبلتُنا واحدةٌ ! فكلُّ قول أو فعل يوجب تناحر الأمّة وتمزُّقها وتشرذمها فليس من دين الله عزّ وجلّ.
وإنّ أعظم ما يوجبُ الفتن والتّفرُّق في الأمّة وتصدُّع جدرانها: البدعُ والمحدثاتُ التي ما أنزل الله بها من سلطان، سواء كانت عقدية أو عملية.
فالذي يسعى إلى لمّ شمل الأمّة وتوحيدها فعليه أن ينبذ البدع والخرافات والعوائد والمُحدثات لترجع الأمّة إلى سالف عزّها وإلى ما كانت عليه من وحدة وانسجام وائتلاف قبل حدوث البدع والفرق المختلفة.
وإنّ هذا السّعيَ لن يتحقّق إلا بعمل جبّار من أهل العلم وطلبته لتصفية وتنقية الدّين ممّا علق فيه وهو ليس منه سواء كان في العقائد والعبادات أو في الأخلاق والمُعاملات، ثمّ العمل بجدّ على تربية المُجتمع وأفراد الأمّة على هذا الدين المُصفّى بعيداً عن كلّ ما يوجبُ فتنةً أو فُرقةً سواء كان قولاً أو فعلاً أو اعتقاداً.