من خالص البر
فرض الله سبحانه وتعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم مقرونة بطاعته، بل ذكرها الله سبحانه وتعالى باعتبارها فرضا، فيقول جل من قائل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)، ويقول تعالى {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}، ويقول سبحانه وتعالى {قل اطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين}.
في هذه الآية الكريمة إشارة إلى أن الإعراض عن طاعة الله أو عن طاعة الرسول كفر، وما من شك في أنه كفر؛ ذلك أن الإيمان من أركانه الإيمان برسول الله صلى الله عليه و سلم، وبأن كل ما أتى به صدق، فالتولي عنه استخفافا أو جحودا أو إنكارا أو عنادا ومماراة- ذلك كله كفر يخرج به المعرض عن دائرة الإسلام.
ويقول الله تعالى في طاعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه حينما يفرده بالحديث{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
ويقول تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم}.
ويجعل سبحانه وتعالى طاعة الرسول طاعته فيقول {من يطع الرسول فقد أطاع الله} ويجعل بيعته صلوات الله وسلامه عليه بيعة الله فيقول تعالى {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما} وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي فيما افترضه الله أو سنه، وفيما افترضه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنه.
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لها مكانتها بالنسبة إلى القرآن ولها مكانتها بالنسبة إلى التشريع.
إنها المصدر الثاني- بعد القرآن- للإسلام باعتباره عقيدة، والمصدر الثاني للإسلام باعتباره تشريعاً، والمصدر الثاني للإسلام باعتباره أخلاقا، أما منزلتها بالنسبة إلى القرآن فالسنة كما قال الإمام الشافعي: وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كتاب الله وجهان: أحدهما نص كتاب، فاتبعه رسول الله كما أنزل الله.
والآخر ما أتى في القرآن مجملا كالأمر بالصلاة، ففسر الرسول في السنة عدد الصلوات، وأوقاتها، وكيفيتها وأحكامها، وفي كلا الوجهين اتبع الرسول كتاب الله.
وسنته صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنواع: قولية؛ وهي ماقال الرسول، وفعلية؛ وهي ما فعل، وتقريرية؛ وهي ما أقر من أمور فعلها أو ذكرها الصحابة.
فلا يأتي رجل اليوم فيقول: هل الشيء الفلاني موجود في القرآن؟ أنا لا ألتزم إلا بما في القرآن، فنقول له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما تقول أنت وأمثالك وأخبرنا أنكم سوف تقولونه فقال المقدام بن معدي يكرب: حرم النبي صلى الله عليه وسلم أشياء يوم خيبر، منها الحمار الأهلي وغيره فقال (يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله)، أخرجه أحمد والطبراني في الكبير والدارمي.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري (كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) اللهم اجعلنا ممن يطيعه صلى الله عليه وسلم.
منقول للامانه