قال خبراء في الشأن الاقتصادي السبت، إن البنوك في بريطانيا هي الأكثر تعرضاً للانكشاف أمام قروض متعثرة مصدرها شركات مملوكة لحكومة إمارة دبي، في حال استمرت أزمة تلك الشركات التي أعلنت عزمها طلب تأجيل سداد ديونها، مضيفين أن هذا الأمر لا يمثل حماية للبنوك الأمريكية التي ستتعرض بدورها لهزة عنيفة.
وذكر الخبراء أن الكثير من المصارف الأمريكية قدمت ضمانات لقروض حصلت عليها شركات في دبي مصدرها بنوك بريطانية وألمانية، إلى جانب أن اندفاع الإمارة الواقعة في دولة الإمارات العربية المتحدة لبيع ممتلكاتها العقارية في الغرب بأسعار بخسة بهدف جمع الأموال لسداد قروضها قد يدفع القطاع العقاري الأمريكي إلى دوامة جديدة من الهبوط.
وبحسب مؤسسة CMA المعنية بمراقبة سوق الائتمان، فإن إمكانية أن تعجز دبي عن سداد ديون شركاتها، وفي مقدمتها "دبي العالمية" التي يقدر أنها مدينة بمبلغ 60 مليار دولار، ارتفع إلى 35.82 في المائة.
وتشير أرقام مركز أبحاث "J.P Morgan" للأصول المالية إلى أن الانكشاف الأكبر في الولايات المتحدة على قروض دبي يتمثل في دين قيمته 1.9 مليار دولار، يعود لصالح مصرف "سيتي غروب."
ويقول ريتشارد بوف، محلل الشؤون المصرفية في مؤسسة "روشدال" للأوراق المالية، إن النتائج المباشرة لتعثر ديون شركات في دبي على المصارف الأمريكية ستكون محدودة، لكن ارتداداتها غير المباشرة ستتهدد النظام بـ"الشلل."
ويضيف بوف، في حديث لـCNN أن الخطر الأساسي ينبع من ندرة المعلومات المتوفرة حول القضية وتزايد منسوب القلق العالمي حيالها، خاصة وأن مستوى الضمانات والتأمينات التي قدمتها المصارف الأمريكية لديون أوروبية حصلت عليها دبي ما يزال غير واضح.
ويلفت بوف إلى أن المصارف البريطانية، وعلى رأسها ستاندرد تشارترد وHSBC ورويال بنك أوف سكوتلند وباركليز وسواها من المؤسسات المالية قدمت أكثر من 30 مليار دولار على شكل قروض لشركات دبي، وبسبب التعامل الواسع بين تلك المصارف ونظيراتها في أمريكا فإن التأثيرات السلبية التي يمكن أن تقع في لندن ستمتد إلى الولايات المتحدة بسرعة.
ويدعو بوف أيضاً للتنبه إلى خطر إضافي قد تتعرض له الولايات المتحدة، يتمثل في احتمال حصول انهيارات سعرية جديدة في السوق العقارية، إن اضطرت شركات دبي لبيع ممتلكاتها العقارية الفخمة بأسعار بخسة بهدف جمع السيولة للوفاء بديونها، الأمر الذي سيؤخر تعافي الاقتصاد العالمي ككل.
يذكر أن فاروق سوسة، مدير قسم التصنيف السيادي للشرق الأوسط في مؤسسة "ستاندرد أند بورز" المالية، كان قد اعتبر أن الهزات العنيفة التي شهدتها الأسواق العالمية بعد إعلان شركات مملوكة من حكومة دبي نيتها طلب تأجيل سداد ديونها "مبالغ فيها" باعتبار أن في إمارة دبي الكثير من الشركات الناجحة التي ما تزال قادرة على تحقيق أرباح.
وقال سوسة: "هناك شكوك كثيرة، ولكن في دبي الكثير من الشركات، وليست كلها متأثرة، وعلينا أن نعرف أن دبي وضعها فريد في المنطقة لأن ديونها مرتفعة بينما ليس لديها نفط، في حين أن سائر الأطراف في المنطقة ديونها منخفضة ونفطها وفير."
وكان الأنباء السيئة حول عجز إمارة دبي، في الإمارات العربية، عن تسديد ديونها قد بثت حالة من القلق في الأسواق العالمية الجمعة، هبطت على إثرها مؤشرات أبرز الأسواق الدولية، بالإضافة إلى أسعار النفط التي تراجعت هي الأخرى.
وقد أحدثت دبي صدمة في أوساط المستثمرين العالميين وأثارت غضب البعض منهم بعدما طلبت "دبي العالمية" تأجيل سداد الديون المترتبة عليها، رغم التطمينات السابقة التي أطلقها مسؤولون في الإمارة على مدى الشهور الماضية بشأن إيفائها بالتزاماتها المالية المقدرة بنحو 80 مليار دولار.
فبعد ساعتين على إعلانها طرح سندات حكومية بقيمة 5 مليارات دولار، من مصرفين إماراتيين في أبوظبي، طلبت الدائرة المالية تأجيل السداد لغاية الثلاثين من مايو/أيار المقبل، وذلك على كافة الديون المترتبة على "دبي العالمية" والشركات التابعة لها مثل "نخيل" المضطربة والتي من المقرر أن تسدد 4 مليارات دولار على السندات الإسلامية في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول.