يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
أودّ أن أذكّر نفسي وإيّاكم بمسألة مهمة وهي :
كلنا يتوضّأ إذا أراد الصلاة ، لكن أكثر الأحيان يريد الإنسان أن يقوم بشرط العبادة فقط ، وهذا لابأس ، ويحصل به المقصود ، لكنْ هناك شيء أعلى وأتم :
أولاً : إذا أردت أن تتوضأ استشعر أنك ممتثل لأمر الله في قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (المائدة : الآية 6) حتى يتحقق لك معنى العبادة .
ثانياً : إذا توضأت استشعر أنك متبع رسول الله ، فإنه قال : " مَنْ تَوَضّأَ نَحْوَ وُضُوئي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ " أخرج البخاري ومسلم حينئذٍ يكون الإخلاص والمتابعة .
ثالثاً : احتسب الأجر على الله عزّ وجل بهذا الوضوء ، لأن هذا الوضوء يكفر الخطايا ، فتخرج خطايا اليد مع آخر قطرة من قطرات الماء بعد غسل اليد ، وهكذا البقية .
هذه المعاني الثلاثة العظيمة الجليلة أكثر الأحيان نغفل عنها ، كذلك إذا أردت أن تصلي وقمت للصلاة استشعر أمر الله بقوله : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) [ البقرة : 43 ] ثم استشعر أنك تابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " صَلوا كَمَا رَأَيتُموني أُصَلي " أخرجه البخاري ثم احتسب الأجر ، لأن هذه الصلاة كفارة لما بينها وبين الصلاة الأخرى ، وهلم جراً .
يفوتنا هذا كثيراً ولذلك تجدنا - نسأل الله أن يعاملنا بعفوه - لانصطبغ بآثار العبادة كما ينبغي وإلا فنحن نشهد بالله أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولكن مَنْ مِنَ الناس إذا صلى تغير فكره ونهته صلاته عن الفحشاء والمنكر ؟! اللهم إلا قليل ، لأن المعاني المقصودة مفقودة .
[ شرح الأربعين النووية لشيخ ابن عثيمين رحمه الله ( ص252-254) ]
نقلاً من أحد الأخوة