بسم الله الرحمن الرحيم
***
بقلم : أ.د محمود حمدى زقزوق
الرد على الشبهة
***
والأمى إما أن يكون المراد به من لا يعرف القراءة والكتابة أخذًا من (الأمية)
وإما أن يكون المراد به من ليس من اليهود أخذًا من (الأممية)
حسب المصطلح اليهودى الذى يطلقونه على من ليس من جنسهم.
فإذا تعاملنا مع هذه المقولة علمنا أن المراد بها من لا يعرف القراءة والكتابة
فليس هذا مما يعاب به الرسول، بل لعله أن يكون تأكيدًا ودليلاً قويًا
على أن ما نزل عليه من القرآن إنما هو وحى أُوحى إليه من الله
لم يقرأه فى كتاب ولم ينقله عن أحد ولا تعلمه من غيره.
بهذا يكون الاتهام شهادة له لا عليه.
وقد رد القرآن على هذه المقولة ردًا صريحًا فى قوله :
{وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا *
قل أنزله الذى يعلم السّر فى السموات والأرض إنه كان غفورًا رحيمًا}.
وحسب النبى الأمى الذى لا يعرف القراءة ولا الكتابة
أن يكون الكتاب الذى أنزل عليه معجزًا لمشركى العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة
بل ومتحديًا أن يأتوا بمثله أو حتى بسورة من مثله.
كفاه بهذا دليلاً على صدق رسالته وأن ما جاء به ـ كما قال بعض كبارهم ـ
(ليس من سجع الكهان ولا من الشعر ولا من قول البشر).
أما إذا تعاملنا مع مقولتهم عن محمد أنه ( أُمّى ) على معنى أنه من الأمميين
ـ أى من غير اليهود ـ فما هذا مما يعيبه.
بل إنه لشرف له أنه من الأمميين أى أنه من غير اليهود.
ذلك لأن اعتداد اليهود بالتعالى على من عداهم من (الأمميين) واعتبار أنفسهم
وحدهم هم الأرقى والأعظم وأنهم هم شعب الله المختار ـ كما يزعمون.
كل هذا مما يتنافى تمامًا مع ما جاء به محمد من المساواة الكاملة بين بنى البشر
رغم اختلاف شعوبهم وألوانهم وألسنتهم على نحو ما ذكره القرآن
الذى اعتبر اختلاف الأجناس والألوان والألسنة هو لمجرد التعارف والتمايز
لكنه ـ أبدًا ـ لا يعطى تميزًا لجنس على جنس
فليس فى الإسلام ـ كما يزعم اليهود ـ أنهم شعب الله المختار.
ولكن التمايز والتكريم فى منظور الإسلام ؛ إنما هو بالتقوى والصلاح
كما فى الآية الكريمة :
{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم}.
المصدر : موقع صيد الفوائد