اصول الحوار
النــــــــــــية
ينبغي الايدخل الداعية في حوار ما إذا لم يكن متأكدا من ان نيته لله عزوجل ،فليس المقصود ان يظهر من خلال الحوار براعته وثقافته او ان يتفوق
على الاخرين ويبز نظراءه وانداده،أو ان ينتزع الاعجاب والثناء فذلك كله أمر يحبط عمله عند الله عزوجل ، ويفسد عليه عمله لدى الناس وعليه ان يتذكر انه
قبل كل شيء داعية الى الله عزوجل، وبالتالي ينبغي ان يحذر حذراً شديداً من كل ما يفسد هذه المهمة الجليلة. يروى أن أحد الابناء قال لأبيه : يا أبتي
اراك تنهانا عن المناظرة وقد كنت تناظر،فقال له ابوه : يابني كنا نتناظر وكأن على رأس احدنا الطير مخافة ان يزل صاحبه .
وفي التأمل في هذه الواقعة الرائعة درس عميق في تحــــــريـــــر النــــــــــية وتنقيتها واخلاصها لله عزوجل.
لذلك على الداعية ، أن يقوم بمراجعة للنيتــــــة قبل ان يدخل في حوار فيسألها : هل نيتي خالصة لله في هذا الحوار أو هذه المناقشة، ام انني سأتكلم تحقيقاً
لشهوة الكلام التي تعتري كثيراً من الناس ؟ ثم ، إذا كانت نيتي خالصةً ، فهل هناك مصلحة وفائدة ترجى من كلامي ؟ أم أنه قد يسبب أثاراً هي خلاف ما أحب
كأن يثير فتنة نائـــمة ، او يفتح باب خلاف بين المسلمين كان مسدوداً ؟
وعلينا هنا ان ننتبه إلى تلبيس ابليس علينا ،فهو يوهمنا اننا سنتحدث احقاقاُ للحق وتبياناً له ، ثم يستدرجنا إلى مواقف ليتحقق فيها هواء النفس ، ولنتدبر بعض ماورد في هذا المجال من آيات كريمة ، واحاديث شريفة، يقول الله عزوجل :
{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }النساء114
ويقول تبارك وتعالى:{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18
وحين سأل معاذ بن جبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما اذا كنا مؤاخذين بما نقول قال له المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام (ثكلتك أُمك ،وهل يكب الناس
في النار على وجوههم الا حصائد السنتهم) ومن نصائح الرسول الكريم :. لآبي ذر (عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك)
وقال عليه الصلاة والسلام (لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) وقال ايضاً (من حسن ايمان المرء تركه مالايعنيه)
والعبرة المستفاده من ذلك ، أن يملك المرء لسانه ،لان كل كلمة سوف يحاسب عليها ،وان يحرر نيته ويتأكد خلوصها لله عزوجل ،وقبل الدخول في اي حوار
ومن اجل ذلك كان عليه ان يفرح اذا ظهر الصواب على لسان غيره، فتحدث شخص سواه بفكرة صحيحة لان المهم اظهار الحق وليس مقدرة فلان أوفصاحة علان .
ولنعلم أن الافكار ليست ملكاً لنا ، والصواب ليس حكراً علينا، وينبغي ان نكون سعداء بأن تنتشر الفكرة [/color]الصحيحة بجهود سوانا حتى لو كنا سابقين لهم
في تبنيها، لان ذلك دليل على صدقنا مع الله عزوجل ، ثم مع انفسنا، وهو دليل كذلك على اننا من حب الغير وسعة الافق ، وانصاف الاخرين ،والتخلص من حظوظ
النفس بحيث نكون [ملكا للفكره نفرح لانتصارها، ونسعد بإنتشارها لا أن نكون من الأثره ، وضيق الافق ، بحيث نتوهم ان الفكرة ملك [/color]لنا،نتبناها وحدنا، وندافع
عنها وحدنا ، ونسُاء إذا جاء أخر يدعو لها وننظر إليه كما لوكان قد سلبنا شيئاً خاصاً بنا.
وبعد فإن من ابده البديهي ، أن يكون المحاور المسلم صادقاً مع الله ثم مع نفسه مقتنعاً بما يقول ، مستقيماً عليه ،حتى يصدق قوله على عمله ، وينتفع به الاخرون
إذ يرونه في مقام القدوة الصالحة التي لاتناقض في شخصيتها والتي تدعو بسلوكها كما تدعو بقولها، أما إن كان مخالفاً لذلك ، فهو سوف يضر نفسه ويضر دينه
يضر نفسه باكتسابه الاثم إذ يخالف بين قوله وعمله ، ويضر دينه لانه سوف يكون عنصر صد وصرف عنه.
ابو فايز
19-5-1430هـ