سبق – الرياض: كشفت دراسة ميدانية حديثة عن "ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي" عن خطورة تفشي الظاهرة وبخاصة بين المطلقين الذين تزوجوا حديثاً، والذين لم يتم تدريبهم وتأهيلهم على تحمل مسؤولية الزواج، وقالت الدراسة: إن 50% من المطلقين تزوجوا في أعمار (24-28 سنة)، و18% كانت أعمارهم ما بين (18 و23 سنة)، وطالبت الدراسة التي أعدها الباحث والإعلامي الزميل سلمان بن محمد العُمري بضرورة الاهتمام بإعطاء دورات لتدريب وتأهيل الشباب والفتيات المقدمين على الزواج لتحمل المسؤولية، وأكدت الدراسة على أهمية تأسيس صندوق للمطلقات لتدريبهن على الحرف والمهن ليكنَّ منتجات لا مستهلكات، وأن يتم إنشاء فصول للتدريب المهني للمطلقات، مثل فصول للخياطة والتطريز والآلة الكاتبة، والسكرتارية، والإدارة، والصناعات التقليدية الوطنية، والتدبير المنزلي، وكذا الاهتمام بأسر المطلقات من حيث توفير سبل العيش الكريم لهن ولأبنائهن، إلى جانب إنشاء دور للحضانة وروضات لأطفال الأسر المفككة والمطلقات، وتزويدهم ببرامج خاصة عن الرعاية الاجتماعية والنفسية حتى لا يتحولوا إلى أحداث يخرقون أعراف ومبادئ ونظم المجتمع وينحرفون عن السلوك السوي.
ونادت الدراسة الجهات ذات العلاقة إلى إنشاء صندوق تأمين اجتماعي لأطفال ونساء الأسر المفككة؛ لتأمين سكنهم وغذائهم ودوائهم وملابسهم، والتركيز على تدريب الأولاد مهنياً لضمان حياة كريمة, وطالبت بأهمية قيام وكالة للضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية بتأسيس صندوق طوارئ لتقديم مساعدات عاجلة للمطلقات، وخصوصاً المطلقات اللاتي انفصلن عن أزواجهن ويعشن مع والديهن من ذوي الظروف المالية الصعبة، بالإضافة إلى ذلك يرى الباحث ضرورة تدشين وثيقة للطلاق تحافظ على حقوق المطلقة من متعة وسكن ونفقة وحضانة للأولاد، مع أهمية حضور المرأة ساعة الطلاق حتى تعرف حقوقها وواجباتها.
وأبانت الدراسة أن مجموع عقود الزواج بلغ منذ عام 1406هـ إلى عام 1425هـ مليوناً وسبعمائة وسبعة وستين ألفاً ومائة عقد، بينما بلغ عدد صكوك الطلاق في نفس الفترة أربعمائة وستة آلاف وسبعمائة وثمانية عشر صكاً، أي أن النسبة العامة لصكوك الطلاق إلى عقود الزواج تساوي (23%).
وأوردت الدراسة خصائص المطلقين في المجتمع السعودي، حيث أمكن تحديدها من خلال دراسة (330) حالة طلاق، منها (80) حالة لمطلقين (ذكور)، و(250) حالة لمطلقات (إناث)، مشيرة إلى أن نسبة الذكور تشكل ما نسبته (34%) من العينة، منهم (80) مطلقاً، و(60%) من أسر سليمة، وتشكل نسبة الإناث (66%) من العينة، منهن (110) من الأسر السليمة و(250) من المطلقات.
وأثبتت الدراسة أن معظم أفراد العينة من أصول حضرية، حيث إن (75%) من المطلقين الذكور أصولهم في مدن ومحافظات، و(25ر6%) من القرى أو الريف، بينما (86%) من المطلقات من أصول حضرية والباقي من الريف أو البادية أو من الهجر، وأن أعلى نسبة من المطلقين والمطلقات حاصلون على مؤهل جامعي أو دبلوم، وقد بلغ عدد المطلقين الحاصلين على مؤهل متوسط وحتى المؤهل العالي "فوق الجامعي" (75ر93%)، والحاصلات على المستوى نفسه من المطلقات (76%)، أما الأميات فنسبتهم ضعيفة لدى المطلقات بنسبة (2%)، بينما لا يوجد أميون من المطلقين.
وكشفت الدارسة التشخيصية أن المطلقين يتركزون في فئة العمر (25- 49) سنة، وأكبر نسبة للذكور المطلقين في فئة العمر (30- 34) سنة، أما الإناث المطلقات فيتركزن في فئة العمر (25- 39) سنة، أكثر من الفئات العمرية الأخرى، وهذا يشير إلى أن الطلاق يحدث بين الفئات العمرية الشابة، ولكن يتم بعد فترة من الزواج تتسم بالمعاناة، مشيرة الدراسة إلى أن نسبة الطلاق لدى أصحاب الدخول العالية من المطلقين (الذكور) من فئة الدخل (10,000 – 14,000) ريال، تزيد بنسبة (31,25%)، وقد تبين أن أكثر من نصف المطلقين دخولهم أكثر من ثمانية آلاف ريال، بينما (37،50%) منهم دخولهم أقل من (6,000) ريال، أما المطلقات، فقد تبين أن (38%) منهن من فئة الدخل (4,000 – 9,999) ريال، بينما (12%) دخولهن أقل من (4,000) ريال، ودلالة هذه البيانات أن الدخل المرتفع للأزواج يساعد على تعدد الزوجات الذي قد يكون أحد أسباب الطلاق.
كما تبين أن (50%) من المطلقين تزوجوا عندما كانت أعمارهم في سن من (24 – 28) سنة, بينما الزواج المبكر في فئة العمر (19 – 23) سنة كانت النسبة (18,75%)، أما المطلقات فقد تزوج (48%) منهن من فئة (19 – 23) سنة، ثم من فئة السن (14 – 18) سنة, أي الزواج المبكر بنسبة (30%), وهذا يعني أن غالبية المطلقين تزوجوا في سن أقل من (29) سنة، بنسبة (68,75)، وأن غالبية المطلقات قد تزوجن في سن أقل من (25) سنة، كما أن منهن من تزوجن في سن أقل من (19) سنة بنسبة (30%), وهذا يوضح عدم النضج الكافي للزوج أو الزوجة لاختيار الشريك، ومن خلال الدراسة اتضح أن غالبية المطلقين يعملون بوظائف حكومية بنسبة (56,25%) وموظفين غير حكوميين بنسبة (25%)، أما المطلقات فأكبر نسبة منهن ربّات بيوت بنسبة (42%) ثم موظفات حكوميات بنسبة (30%).
وأكبر نسبة للمطلقين استمروا في الزواج الأخير قبل الطلاق سنة واحدة بنسبة (25%)، ثم خمس سنوات بنسبة (18,75%) بينما أكبر نسبة لزوجات أمضين في الحياة الزوجية قبل الطلاق هي سبع سنوات بنسبة (18%)، يلي ذلك من قضين سنة واحدة وثلاث سنوات بنسبة (12%) لكل منها، وهذا يعني أن النساء أكثر صبراً وتحملاً للمعاناة من المشاكل الزوجية من المطلقين الرجال.
إلى جانب ذلك بينت الدراسة أن غالبية المطلقين قد تزوجوا لمرة واحدة بنسبة (75ر93%) مقابل (25ر6%) منهم قد تزوجوا مرتين، أما المطلقات، فقد تزوجت منهن (66%) مرة واحدة مقابل (24%) تزوجن مرتين، و(8%) تزوجن ثلاث مرات، كما تبين أن (25ر31%) من المطلقين قد انقضى عليهم خمس سنوات بدون زواج، بينما قضى منهم سنتين أو ثلاث سنوات بنسبة (75ر18%) لكل منهم بدون زواج، ويشير ذلك إلى وجود عوامل متعددة لعدم تكرار الزواج، منها صدمة الطلاق، ومنها التكاليف الباهظة للزواج التي تقع على كاهل الزوج، أما المطلقات فقد تبين أنهن يتوزعن على فترات زمنية مختلفة منذ الطلاق من سنة إلى 15 سنة، وأكثر نسبة هي أربع سنوات بنسبة (18%)، وسنتان بنسبة (16%)، ثم سنة واحدة بنسبة (14%)، ثم ثلاث سنوات بنسبة (12%)، ودلالة ذلك أن تجربة الطلاق المريرة بالنسبة للمطلقات تجعلهن يستنكفن عن تكرار الزواج إلى فترة قد تطول أو تقصر حتى ينتهي أثر الصدمة، وتتهيأ ظروف مواتية لهن لتكرار الزواج.
وحذرت الدراسة من خطورة آثار الطلاق على الأبناء، حيث بلغ من لديهم أبناء من المطلقين نتيجة الطلاق (25ر56%) من المطلقين، و(78%) من المطلقات، وأن أكبر نسبة من المطلقين لديهم ثلاثة أولاد هي (75ر18%) ثم من لديهم ولد واحد أو ولدان أو أربعة أولاد بنسبة (50ر12%) لكل فئة.
وبالنسبة للمطلقات يتوزع أطفالهن بعد الطلاق للإقامة مع المطلقة نفسها بنسبة (46ر38%) ثم من يقيمون مع طليقها وزوجته بعد الطلاق بنسبة (08ر23%)، ثم من يعيشون مع المطلقة نفسها وزوجها بعد الطلاق فيمثلون (95ر17%)، ثم من يعيشون مع أقارب المطلقة يمثلون (12ر12%)، ومن يعيشون مع طليقها يمثلون نسبة (13ر5% ).
وأبرزت الدراسة أن أكبر نسبة من عينة المطلقين (44ر44%) الحالة النفسية لأبنائهم أصبحت أسوأ بعد الطلاق عما كانت عليه قبل الطلاق، بينما يرى ثلث أفراد العينة (33ر33%) من المطلقين أن حالة أبنائهم النفسية قد أصبحت أفضل بعد الطلاق، بينما يرى أكثر من خمس عينة المطلقين (22ر22%) أن حالة أبنائهم النفسية لم تتغير بعد الطلاق عما كانت عليه قبل الطلاق، أما بالنسبة للمطلقات، فيلاحظ أن ثلثي المطلقات تقريباً (10ر64%) ذكرن أن حالة أبنائهن النفسية أصبحت أسوأ بعد الطلاق، بينما ترى (82ر12%) من المطلقات أن حالة أبنائهن أصبحت أفضل بعد الطلاق، بينما ترى (82ر12%) من المطلقات أن حالة أبنائهن لم تتغير بعد الطلاق عما كانت عليه.
وشددت الدراسة على أن أحوال غالبية أولاد المطلقين المعيشية بعد الطلاق سيئة بنسبة (56ر55%)، بينما يرى (22ر22%) من المطلقين يرى أن حالة أولادهم بعد الطلاق لم تتغير، وهناك آخرون يرون أن حالات أولادهم أصبحت عقب الطلاق أفضل بنسبة (11ر11%)، في حين يرى ما نسبته من المطلقات (41ر56%) أن أحوال أبنائهن أصبحت سيئة، و(77ر30%) منهن من المطلقات يرين أن أحوال أولادهن لم تتغير، وما نسبته (82ر12%) من المطلقات يرين حالة أولادهن بعد الطلاق أنها صارت أفضل .