يستقطب الكاكاو صناديق الاستثمار كونه ملجأ آمن حيال الميول الكلاسيكية للتضخم المالي أثناء مرحلة الانتعاش. كما يمثل تغطية جيدة في سوق التداولات بالعملات.
روما: زادت الطلبات على شراء الكاكاو بصورة لافتة في الشهور الأخيرة. من جهة، تتمتع الشكولاته بمزايا مضادة للكآبة (ولمصائب المستثمرين) ساعدت في زيادة استهلاكها أثناء الأزمة المالية العالمية التي لم تنته بعد. من جهة ثانية، لا يتأخر المضاربون، حتى خلال الشهور القاتمة لأي أزمة مالية تحصل، لحظة واحدة عن ركوب تلك الموجة التي تقودهم الى جني الأرباح لا سيما في وقت تظهر فيه الصين والهند قدرة خارقة على الشراء والاستهلاك. في الأيام الأخيرة، سجلت أسعار الكاكاو، وهو بين المواد الأولية، مستويات قياسية. ووصلت أسعاره، في سوق المواد الأولية بنيويورك، مؤخراً، الى 3390 دولار في الطن!
على صعيد السوق البريطانية، المحور الرئيسي لسوق الكاكاو أو "الذهب البني"، فان سعر الكاكاو الخام بلغ 2174 جنيه إسترليني في الطن. لو قارننا هذه الأسعار بتلك المعمول بها في عام 2000 لرأينا سباقاً مجنوناً لأعمال الكاكاو يسحر اليوم كبار الخبراء الماليين برغم تناقضاته. في عام 2000، كان سعر كل طن من الكاكاو 500 جنيه إسترليني. ثم ما لبث أن قفز الى 1600 جنيه إسترليني، في عام 2002، قبل أن يتراجع الى ما بين 800 وألف جنيه إسترليني لغاية عام 2007. ما ان انفجرت الأزمة المالية والكساد الاقتصادي العالمي حتى بدأ السباق على أسعار الكاكاو، بين صعود ونزول، لغاية دخولها دوامة أسعار تصاعدية عمودية جعلت المضاربات عليه توازي تلك التي تحوم حول أعمال الذهب. في الأيام الأخيرة، وصل سعر غرام الكاكاو الواحد الى 2.17 جنيه إسترليني أي 2.36 يورو تقريباً.
في سياق متصل، يشير الخبير في مشتقات الأسهم، السيد "فينسنت غايغر"، من صندوق "نيو ايدج"، الى صحيفة "ايلاف" الى أن الكاكاو يستقطب صناديق الاستثمار كونه ملجأ آمن حيال الميول الكلاسيكية للتضخم المالي أثناء مرحلة الانتعاش. كما يمثل الكاكاو تغطية جيدة في سوق التداولات بالعملات. علاوة على ذلك، دخلت الصين والهند جيلاً حياتياً جديداً يتجسد في نمو لافت في مستويات العيش والاستهلاك. ما يعني أن الطلبات على شراء المواد الأولية الغذائية، ومنها الكاكاو، لن تخمد أبداً لا بل إنها ستواصل نموها غير القابل للانعكاس. مما لا شك فيه أن استهلاك الكاكاو، على المدى المتوسط، سيدخل طريقاً تصاعدياً في القارة الأوروبية كذلك. في فرنسا، على سبيل المثال، بلغ الاستهلاك الفردي للشكولاته 7.5 كيلوغراماً سنوياً مقارنة بأربعة كيلوغراماً قبل 15 عاماً. بالطبع، يحافظ السويسريين على الرقم القياسي أوروبياً حيث يصل الاستهلاك الفردي للشكولاته هناك الى أكثر من 10 كيلوغراماً سنوياً!
ومن المؤكد أن النجمة الساطعة، التي ترعى أعمال الكاكاو المربحة، تستقطب انتباه عمالقة الصناعة الغذائية، حول العالم. هاهي شركة "كرافت" تعرض مبلغ 12 بليون يورو لشراء شركة "كادبوري" البريطانية، الرائدة في صناعة الحلويات المعلبة ومنتجات الشكولاته اللذيذة، في مطلع الشهر الماضي. في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة "كادبوري" عن زيادة مبيعاتها، في الربع المالي الثالث من العام، بنسبة 7 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. هكذا، "تغلي" آفاق شجرة الكاكاو وتصنيع الشكولاته بوعود ماسية دولية.