العودة   منتديات السلاطين الرسمية > [ المنتدى العام ] > [ المنتدى العام ]

[ المنتدى العام ]

للمواضيع العامة


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-2011, 11:17 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

عضــو

الرتبة:

البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 1298
المشاركات: 268 [+]
بمعدل : 0.05 يوميا
اخر زياره : [+]
 

الإتصالات
الحالة:
الساير غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : [ المنتدى العام ]
افتراضي مقال يخط بماء الذهب * للقلوب التي تسكن فيها الاهات والحسرات‎


مقال يكتب بماء الذهب





الدكتور مصطفى محمود رحمه الله







العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.



و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون



لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط



و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به،



يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.



و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.



و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة



لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.



و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.



و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.



كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق.



و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.





فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر..





و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية..





و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.





إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب..





و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.



و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.





و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.



و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة



فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر



و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات..



فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل..



يتجرع منه كل واحد كأسا وافية



ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات





و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف..





فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة



و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله..





و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال..





و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.

.



أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة..



فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم..



و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة



لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان



و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم..



ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين



و يرهل أبدان المسرفين..



و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة..



و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود..



يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق..



يوم لا تنفع معذرة..



و لا تجدي تذكرة.



و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما





يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا،



فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن..





بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.





أما أهل الغفلة





و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض،





ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.



فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.



(من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له)












عرض البوم صور الساير   رد مع اقتباس
 


(مشاهدة الكل الأعضاء الذين شاهدوا الموضوع : 1

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وصية بماء الذهب أمل السلطاني [ المنتدى العام ] 3 07-16-2011 02:18 PM
قصيدة رثاء- ممنوع للقلوب الحساسة أمل السلطاني المقناص والرحلات البرية 6 08-10-2010 04:00 PM
( حكمة ) بماء الذهب ابو طلال [ المنتدى العام ] 8 06-29-2010 11:27 AM
فلاش الفتاة الداعية التي نفذ فيها حكم القصاص مشاري المكتبة الصوتية والمرئية 4 11-16-2009 08:04 AM
مقال بـ 400000 ريال! مهم مهم مقال ساخن عن .... مغترب في امريكا [ المنتدى العام ] 8 01-03-2009 10:54 AM


الساعة الآن 10:14 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. diamond