أحاديث وقصص تدور على الألسن وهي لا تثبت
نصيحة عامة للإخوة الكرام :
لا يجوز أن يُنْسَب الْحَدِيث إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلاَّ بعد التأكُّد مِن صِحَّتِه . وإلاَّ أصْبَح الذي ينشر الأحاديث مِن جُملة الكذَّابِين الذين كذَبُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإنه تواتر عن النبي صلى الله عليه على آله وسلم أنه قال : مَن كَـذَب عليّ مُتعمداً ، فليتبوأ مقعده من النار . حتى قال بعض العلماء : إنَّ مَن كَذَب على النبي صلى الله عليه على آله وسلم مُتعمّداً فهو كَــافِــر
وهذا يدلّ على خطورة الكذب على رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم .
الحديث الأول :
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات يوم، أب كبير السن ، يشكو إليه عقوق ولده , فقال: يا رسول الله كان ضعيفا ًوكنت قوياً ، وكان فقيراً وكنت غنياً ، فقدمت له كل ما يقدم الأب الحاني للابن المحتاج.
ولما أصبحت ضعيفاً وهو قوي ، وكان غنياً وأنا محتاج ، بخل علي بماله ، وقصّر عني بمعروفه ثم التفت إلى ابنه منشداً :
غذوتك مولوداً وعلتك يافعـاً ... .تعلُّ بما أدنـي إليـك وتنهـلُ
إذا ليلة نابتك بالشكو لم أبت ... لشكواك إلا ساهـراً أتملمـلُ
كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقتَ به دوني وعيني تهمـلُ
فلما بلغت السن والغاية التـي ... إليها مدى ما كنتُ منك أؤمِّـلُ
جعلت جزائي منك جبهاً وغلظةً ... كأنك أنـت المنعـم المتفضـلُ
فليتك إذ لم تَرعَ حـق أبوتـي ... فعلت كما الجار المجاور يفعلُ
فأوليتني حق الجوار ولم تكـن ... عليّ بمال دون مالـك تبخـلُ
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى ، ثم قال : للولد: أنت ومالك لأبيك.
سند الحديث هو:
عن أبي سلمة عبيد بن خلصة قال: أخبرنا عبد الله بن نافع المدني عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: ....الحديث.
الحكم عليه :
الحديث بهذا السياق الذي فيه الشعر ضعيف. فمدار إسناد على المنكدر بن محمد وهو ليّن الحديث ، ولم يتابعه أحد عليه بهذا اللفظ.انفرد به .
قال عنه الطبراني: لم يرو هذا الحديث بهذا اللفظ والشعر عن المنكدر بن محمد بن المنكدر إلا عبد الله بن نافع تفرد به عبيد بن خلصة.
وقال الألباني عن عبيد بن خلصة: ولم أجد من ترجمه، والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما في "التقريب".
فالحديث إذن بهذا التمام , وهذا الشعر ضعيف لا يثبت.
تخريجه :
رواه الطبراني في معجمه الصغير والأوسط، وابن أبي الدنيا في جزء العيال. وقال الألباني: أخرجه أبو الشيخ في "عوالي حديثه". والطبراني في "المعجم الصغير"، والمعافى بن زكريا في "جزء من حديثه".
فما هو الصحيح إذن ؟
آخر لفظة في الحديث وهي: (أنت ومالك لأبيك) هي الثابتة , ولكن في نص غير النص السابق الذي فيه الشعر المذكور , والنص الصحيح هو :
أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي مالاً وولداً، وإن والدي يريد أن يجتاح مالي، فقال: "أنت ومالك لأبيك ، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم".وفي رواية الإمام أحمد: "فكلوه هنيئاً".
رواه الإمام احمد وأبو داود وابن ماجة. وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1856).
الحديث الثاني :
نقل في كتاب ابن الجوزي رحمة الله : (بستان الواعظين ورياض السامعين).
مقدمة :
بعدما ينفخ اسرافيل عليه السلام في الصور النفخة الأولى تستوي الأرض من شدة الزلزلة فيموت أهل الأرض جميعا وتموت ملائكة السبع سموات والحجب والسرادقات والصافون والمسبحون وحملة العرش وأهل سرادقات المجد والكروبيون ويبقى جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام .
موت جبريل علية السلام
يقول الجبار جل جلاله:يا ملك الموت من بقي؟_وهو أعلم_فيقول ملك الموت:سيدي ومولاي أنت أعلم بقي إسرافيل وبقي ميكائيل وبقي جبريل وبقي عبدك الضعيف ملك الموت خاضع ذليل قد ذهلت نفسه لعظيم ما عاين من الأهوال.فيقول له الجبار تبارك وتعالى:انطلق إلى جبريل فأقبض روحه فينطلق الى جبريل فيجده ساجدا راكعا فيقول له:ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين قد مات بنو ادم وأهل الدنيا والأرض والطير والسباع والهوام وسكان السموات وحملة العرش والكرسي والسرادقات وسكان سدرة المنتهى وقد أمرني المولى بقبض روحك !
فعند ذلك يبكي جبريل علية السلام ويقول متضرعا إلى الله عز وجل:يا الله هون علي سكرات الموت( يا الله هذا ملك كريم يتضرع ويطلب من الله بتهوين سكرات الموت وهو لم يعصي الله قط فما بالنا نحن البشر ونحن ساهون لا نذكر الموت إلا قليل ) فيضمه ضمه فيخر جبريل منها صريعا فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت_وهو أعلم_ فيقول:مولاي وسيدي بقي ميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت
موت ميكائيل عليه السلام(الملك المكلف بالماء والقطر(.
فيقول الله عز وجل انطلق الى ميكائيل فأقبض روحه فينطلق الى ميكائيل فيجده ينتظر المطر ليكيله على السحاب فيقول له:ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك! ما بقي لبني ادم رزق ولا للأنعام ولا للوحوش ولا للهوام,قد أهل السموات والارضين وأهل الحجب والسرادقات وحملة العرش والكرسي وسرادقات المجد والكروبيون والصافون والمسبحون وقد أمرني ربي بقبض روحك,فعند ذلك يبكي ميكائيل ويتضرع إلى الله ويسأله أن يهون عليه سكرات الموت ,فيحضنه ملك الموت ويضمه ضمة يقبض روحه فيخر صريعا ميتا لا روح فيه,فيقول الجبار جل جلالة:من بقي_وهو أعلم_ياملك الموت؟ فيقول مولاي وسيدي أنت أعلم بقي إسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت .
موت إسرافيل عليه السلام(الملك الموكل بنفخ الصور(
فيقول الجبار تبارك وتعالى:انطلق إلى إسرافيل فاقبض روحه.فينطلق كما أمره الجبار إلى إسرافيل(واسرافيل ملك عظيم) ,فيقول له ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك!قد ماتت الخلائق كلها وما بقي أحد وقد أمرني الله بقبض روحك,فيقول إسرافيل: سبحان من قهر العباد بالموت,سبحان من تفرد بالبقاء,ثم يقول مولاي هون علي مرارة الموت .فيضمه ملك الموت ضمه يقبض فيها روحه فيخر صريعا فلو كان أهل السموات والأرض في السموات والأرض لماتوا كلهم من شدة وقعته .
موت ملك الموت عليه السلام(الموكل بقبض الأرواح(
فيسأل الله ملك الموت من بقي يا ملك الموت؟_وهوا علم_فيقول مولاي وسيدي أنت اعلم بمن بقي بقي عبدك الضعيف ملك الموت فيقول الجبار عز وجل : وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي انطلق بين الجنة والنار ومت, فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة لولا أن الله تبارك وتعالى أمات الخلائق لماتوا عن أخرهم من شدة صيحته فيموت .
ثم يطلع الله تبارك وتعالى إلى الدنيا فيقول:يا دنيا أين أنهارك أين أشجارك وأين عمارك؟ أين الملوك وأبنا الملوك وأين الجبابرة وأبناء الجبابرة؟ أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي وعبدوا غيري,لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد , فيرد الله عز وجل فيقول الملك لله الواحد القهار.الحكم عليه :
لا يصح في موت الملائكة حديث , والله أعلم .
وهذا الحديث (حديث موت الملائكة ) كذب على الله ورسوله , وهو في كتاب (بستان الواعظين ورياض السامعين) لابن الجوزي , وهو كحاطب ليل في هذا الكتاب , وفيه : من الأحاديث الضعيفة والموضوعة , فلا يجوز نشر هذا الحديث.
والصحيح :
إن الملائكة يموتون كما يموت غيرهم من الأحياء , قال الله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ {القصص: 88}. دون هذه القصة التي لا تثبت.
وقال المناوي في "فيض القدير": وأما الملائكة فيموتون بالنص والإجماع، ويتولى قبض أرواحهم ملك الموت، ويموت ملك الموت بلا ملك الموت.
ولا يبعد أن يعانوا من سكرات الموت كما يعاني منها غيرهم. يقول الله تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ {ق: 19}
وفي البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات.
وأما ما ذكر ابن الجوزي في وصف موت الملائكة الأربعة فإنه لم يثبت فيه نص، ولكن وردت آثار ضعيفة الأسانيد، كما قال البيهقي في شعب الإيمان، وابن كثير في البداية تفيد موت هؤلاء الملائكة الأربعة، ولم تذكر التفاصيل التي ذكر ابن الجوزي.
فعلى هذا لا يجوز نشر هذا الخبر , فإنه لا يصح , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
الحديث الثالث :
حديث : (من صلى عليّ في اليوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين منها في الآخرة , وثلاثين في الدنيا).
الحكم عليه :
إسناده : ضعيف جداً . فيه مجاهيل لا يعرف لهم ذكر في كتب الرجال : فيه أبو رافع أسامة بن علي الدارمي , وفيه حكامة بنت عثمان بن دينار , وكلاهما لايعرف , وهو أقْرَب إلى الوَضْع ، فَعَلامَات الوَضْع تَلُوح عليه في متنه إضافة لسنده .
تخريجه :
رواه البيهقي في شُعَب الإيمان 3/11 , وابن عساكر في تاريخ دمشق 54/301 : كلاهما من طريق أبي رافع أسامة بن علي بن سعيد الرازي بمصر , ثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ , حدثنا حكامة بنت عثمان بن دينار أخي مالك بن دينار , عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقْربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا من صلى علي في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا ، ثم يوكل الله بذلك مَلَكا يدخله في قبره كما يدخل عليكم الهدايا يخبرني من صلى عليّ باسمه ونسبه إلى عشيرته فأثبته عندي في صحيفة بيضاء " .
الحديث الرابع :
حديث : ( يأتي زمان علي أمتي يحبون خمس وينسون خمس ... يحبون الدنيا وينسون الآخرة , يحبون المال وينسون الحساب يحبون المخلوق , وينسون الخالق يحبون القصور وينسون القبور يحبون المعصية , وينسون التوبة فإن كان الأمر كذلك ابتلاهم الله بالغلاء والوباء والموت الفجأة وجور الحكام).
الحكم عليه :
هذا حديث غير صحيح , ولا يوجد له اسناد , وليس في شيء من دواوين السنة , وبذلك يعتبر من الأحاديث الموضوعة , فارجوا الحذر منه .
وهذا موضوع يستحق التثبيت , وأطلب من الأخوة : من يقف على مثل هذه المرويات أن يزود القسم بها وتقبلوا تحياتي ,
وشكراً للأخ سيار إضافته الجميلة الرائعة وإلى الأمام يا منتدانا العزيز .