تتجه اللجنة البرلمانية الفرنسية التي نظمت جلسات استماع حول موضوع النقاب نحو التوصية بقانون يمنع ارتداءه في بعض الأماكن العامة، متخلية بذلك عن حظر أوسع نطاقا، مع فرض غرامة مالية على من ينتهك ذلك القانون، بالإضافة إلى الحرمان من الحصول على الجنسية الفرنسية، بحسب وسائل إعلامية ومسئولين فرنسيين.
ونقلت وكالة (أكي) الإيطالية للأنباء الخميس 17-12-2009 عن مصادر برلمانية فرنسية قولها إن: "بعض الوزراء الفرنسيين يؤيدون بشدة حظرا تاما للنقاب في الأماكن العامة، ومن بينهم وزير الداخلية بريس هورتفو الذي يرى فيه (النقاب) تعبيرا عن إسلام متطرف، وهو ما يتعارض مع مبادئ الجمهورية، وقد يحول دون حصول التي ترتديه وزوجها على الجنسية الفرنسية".
وكان وزراء الهجرة إريك بيسون والداخلية بريس هورتوفيه والعمل كزافيه داركوس آخر من استمعت إليهم اللجنة البرلمانية الأربعاء 17-12-2009 حول النقاب الذي ترتديه نحو ألفي مسلمة في فرنسا، بحسب متخصصين في المجال، وشكلت اللجنة في يوليو 2009 وتضم 32 نائبا من مختلف التوجهات.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن الانقسام في وجهات النظر حول طريقة الحظر وتجنب إصدار قانون يرفضه المجلس الدستوري أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي السائدة، ففي حين يؤيد وزير الداخلية إصدار قانون يمنع النقاب في الأماكن العامة، يؤكد وزير العمل على ضرورة صدور قرار برلماني غير ملزم، ويفترض أن تقدم اللجنة توصياتها للحكومة نهاية يناير القادم.
"مبادئنا على المحك"
وفي مقالة بصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية الأربعاء 16-12-2009 قال جان فرنسوا كوبيه زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية (حزب ساركوزي) إن: "إخفاء وجه شخص ما بشكل دائم في الأماكن العامة ليس تعبيرا عن الحرية الفردية".
وأضاف: "إنه إنكار للذات وإنكار للآخرين وإنكار للحياة الاجتماعية، لكنه أقر بأن الحظر الكامل يواجه بعض العقبات القانونية"، ونقلت الصحيفة عن مستشارين قولهم إن: "مثل هذا الحظر (الكامل) يمكن الطعن فيه أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أساس أنه ينتهك الحرية الدينية".
وحاول كوبيه في مقاله (الفصل بين حظر النقاب المحتمل ومشروع الهوية الوطنية) قائلا إن: "الأمر ليس خيارا بين الهجرة أو الدين.. مبادئنا على المحك".
وأوضحت الصحيفة أن "الحكومة ستسعى بدلا من ذلك إلى حظر النقاب في المباني العامة مثل قاعات البلديات ومراكز الشرطة، حيث يمكن أن تستند إلى مخاوف أمنية.. ولن يمس الحظر الجامعات أو الشوارع أو وسائل النقل العام"، وبعد تأكيد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مرتين في يونيو ونوفمبر الماضيين معارضته للنقاب صدرت أصوات عديدة محذرة من تبعات مثل هذا القانون.
وزادت هذه القضية من جدل أوروبي بشأن الرموز الإسلامية المرئية مثل المآذن التي حظرتها سويسرا مؤخرا، بالإضافة إلى حملة حكومية فرنسية لمناقشة الهوية الوطنية.
وتصاعد النقاش حول الهوية الوطنية وتحول إلى مشاجرات عامة في اجتماعات المجالس البلدية وتعليقات لاذعة على منتديات الإنترنت التي ترعاها الحكومة حول دور الإسلام في فرنسا موطن أكبر جالية مسلمة في أوروبا، بحسب وكالة رويترز للأنباء، ويبلغ عدد مسلمي فرنسا نحو ستة ملايين نسمة من أصل 60مليونا.