المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
طــالـــب عــــلـم |
الرتبة: |
|
البيانات |
التسجيل: |
Nov 2008 |
العضوية: |
255 |
المشاركات: |
222 [+] |
بمعدل : |
0.04 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
المنتدى الاسلإمي
مواقف عمرية : دروس , وعبر هامة من حياة عمر بن الخطاب (الحلقة الأولى) (الثانية)
مواقف عمرية : مواقف , ودروس , وعبر هامة من حياة عمر بن الخطاب
(الحلقة الأولى) رسم عمر بن الخطاب رضي الله عنه مواقف رائعة , سطرها التاريخ في أنصع صفحاته , لا تنساها ذاكرة الدهر , اهتزت لجمالها شغاف القلوب , وأصبحت لعظمتها كأنها نسجت من الخيال , وهي حقيقة صادقة , والسر في ذلك صعوبة تطبيقها , وامتثالها كواقع , في زمن طغت فيه الماديات , والشهوات , والمصالح , وحب الدنيا والذات , لقد أتعب الفاروق أبو حفص رضي الله عنه من بعده في مواقفه المشهودة , وصفاته المحمودة , فما أحوج هذه الأمة للرجوع لسيرة هؤلاء العظماء لمعرفة نهجهم , والسير على خطاهم , عندها ستتبدل الأحوال , وتزهر القلوب الصادية , وتشتد العزائم الواهية , وينسحب الظلام المطبق على القلوب ,
ومن هنا اخترت لكم في هذه المشاركة بعض المواقف العمرية الهامة , راجياً منكم التعليقات الجميلة المفيدة على هذه المواقف وبذل الهمة لاستخراج دقائق الفوائد من هذه الأحداث ,
وسأتابع بمشيئة الله الموضوع في هذا العنوان على حلقات متتالية , بعنوان (عمريات) , وطلبي التفاعل , والمشاركة باستنباط الفوائد والعبر ومقارنة ذلك في واقعنا المعاصر , وبيان السر في عجزنا عن التطبيق , وإليكم المشاركة :
الموقف الأول (1) :
فعن طارق بن شهاب , قال : لما قدم عمر الشام , عرضت له مخاضة , فنزل عمر عن بعيره , ونزع خفيه , أو قال : موقيه , ثم أخذ بخطام راحلته , وخاض المخاضة , فقال له أبو عبيدة بن الجراح : لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلا عظيما , عند أهل الأرض , نزعت خفيك , وقدمت راحلتك , وخضت المخاضة , قال فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة , فقال: أوه , لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة , أنتم كنتم أقل الناس , فأعزكم الله بالإسلام , فمهما تطلبوا العزة بغيره ؛ يذلكم الله تعالى. وفي لفظ :" فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين , أنت تفعل هذا ؟! تخلع خفيك , وتضعهما على عاتقك , وتأخذ بزمام ناقتك , وتخوض بها المخاضة , ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك , فقال عمر : أوه , لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة , جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم".
وفي لفظ آخر :"قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ , أَتَتْهُ الْجُنُودُ , وَعَلَيْهِ إزَارٌ , وَخُفَّانِ , وَعِمَامَةٌ , وَأَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرِهِ , يَخُوضُ الْمَاءَ ، فَقَالُوا لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، تَلْقَاك الْجُنُودُ , وَبِطَارِقَةِ الشَّامِ , وَأَنْتَ عَلَى هَذَا الْحَالِ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : إنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلامِ ، فَلَنْ نَلْتَمِسُ الْعِزَّ بِغَيْرِهِ ". رواه عبد الله بن المبارك في الزهد (584) , وابن أبي شيبة في مصنفه (33847) , والحاكم في المستدرك 3/88 , 1/130 , وأبو نعيم في الحلية 1/47 , والبيهقي في الشعب (8196) , وابن عساكر في تاريخ دمشق 44/5 , كلهم من طريق طارق بن شهاب به نحوه . والفظ الأول للحاكم , والأخير لابن أبي شيبة. وهذا الأثر صحيح , ورجاله ثقات , وصححه الحاكم 1/130.
تأمل الموقف : سار الفاروق فوق بعيره , فاعترضته بقعة الماء التي تسد الطريق , فلم تقبل نفسه الزكية أن يعبرها راكباً متجبراً , فما كان منه إلا أن نزع خفيه وأمسك بهما , وتقدم ليعبر الطين , بقدميه العاريتين , فأخذ الطين يلتصق بهما , ويتناثر على الساقين , والإزار ؛ بصورة مليئة بالتواضع , والزهد , والعزّة , وهذا الفعل من أعلى رجل في الدولة الإسلامية , تحت إمْرته الديار , والممالك , والمساحات الواسعة من الأرض , ولم يكن هذا الفعل سرَاً بل كان بمحضر من الجنود والقادة , وعلى نظر عظماء الروم , وسادتهم , وزعمائهم الذين يترقبون رؤيته , ويتصورون مجيئه إليهم كحال عظمائهم , وجبَّاريهم , في مواكب فخمة , تهيأ لها المقاصير الوثيرة , وتتقدمها الخيل المسرجة , وتعتليها الأعلام , وتضرب لها الطبول , ويستقبلها الجماهير بالهتافات , ولكن الفاروق لم تشغله هذا المظاهر الزائفة , والبهرجة الفانية , ولا يرجو المجد بالمباهاة , والتكبر على عباد الله , بل هو قلب يخشع , وقرآن يمشي , وسيرة تنطق , لقد فهم أن من ملك الهداية , والدين الصحيح , ورضى الله , فقد ملك كل شيء , ومن خسر الهداية والتوفيق , فقد خسر كل شيء , ولو لبس الحرير , ونام على الوثير , وتلقته الجماهير , لقد جاء الفاروق كسائر البشر , بل أقل ؛ تواضعاً , وزهداً , ولكنه قد امتلأ عزة , وانكساراً لله سبحانه المعزّ , وهذه الحال من عمر رضي الله عنه أذهلت أبا عبيدة رضي الله عنه , ودفعته للإنكار عليه لرغبته أن يتصف بالوجاهة , والفخامة , فقال له : لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلا عظيما , عند أهل الأرض , فأعطاه عمر رضي الله عنه درساً لا ينسى بعد أن صك على صدره , وعاتبه , قال : "إنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالإِسْلامِ ، فَلَنْ نَلْتَمِسُ الْعِزَّ بِغَيْرِهِ" , فبين له أن العزّة لا تكون إلا بالإسلام لا بالمظاهر الزائلة , ولا بالمتاع الفاني ,
فهذا درس كبير لتفهم الأمة معنى العزة الحقيقي , وأنها لو تمسكت بالإسلام لحازت المفاخر والمآثر , والهداية , والبصائر , ولأصبحت شامة في جبين الدهر , ومن مثل الإسلام في قيمه , ومثله , وشموخه , فيه صفاء العقيدة , والعبادة , فيه القوة والريادة , فيه الرحمة والسعادة , فيه الطمأنينة والانشراح , ومن عرفه حقاً ضحى بالغالي والنفيس في سبيله , ياله من دين لو كان له رجال.وهم كائنون بحمد الله , ولكن تنقصهم العزيمة العمرية , في عزتها , وعنفوانها , واستشعارها للإيمان , وتضحيتها في سبيل المبادئ .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الحلقة الثانية (2) من المواقف العمرية موجودة الآن في هذا الملف فتصفحها
|