نظرة حانية من معلمة بحفر الباطن كشفت عن معاناة أسرية تحياها طالبة في المرحلة الثانوية، وكادت تتوقف بسببها عن إكمال دراستها.
تفاصيل القصة أن فتاةً وقفت أمام زميلاتها خلال إحدى الحصص؛ لتخاطب المعلمة: "أستاذتي، أنا متعبة، متعبة جداً؛ لا أستطيع الوقوف؛ الرجاء إعفائي من القيام بهذا الواجب"؛ الأمر الذي دفع معلمتها إلى الاستفسار منها عن سبب ضعفها، وإنْ كان بها عارض صحي يستدعي نقلها إلى المستشفى، وكذلك سبب وضع يدها على بطنها منذ أن حضرت إلى المدرسة، ولكن الطالبة شكرت معلمتها وآثرت الصمت.
المعلمة لم تترك الأمر، ولجأت إلى المرشدة الاجتماعية خوفاً من وجود أي شيء لدى الطالبة، خاصة أن وجهها شاحب، وهي في حالة إعياء شديد، ويظهر عليها الأرق وعدم التركيز؛ فاصطحبتها إلى الفصل لتشاهد حالة الطالبة بشكل لا يلفت انتباه زميلاتها، فذُهلت المرشدة الاجتماعية من حالة الطالبة، وقررت عرض الأمر على مديرة المدرسة؛ لإيجاد حل للطالبة، ومعرفة سبب ضعفها وهزالها، والألم الذي تعانيه.
واستغلت المعلمة والمرشدة الاجتماعية خروج الطالبات من الفصل في فترة الفسحة، وجلستا مع الطالبة التي لم تستطع الوقوف ولا الخروج مع زميلاتها، وبحنان الأمهات ضمتها إحداهما إلى صدرها، وطلبت منها كأُمّ أن تقول لها سبب ضعفها وهزالها، ولماذا لا تهتم بملابسها المدرسية، وهل لديها عارض صحي أم أن هناك مشكلة اجتماعية لديها؛ وذلك لتساهما في إيجاد حل لها، مؤكدتَيْن لها أن أي شيء ستبوح به سوف يكون سراً لا يعلمه أحد، وأنهما سيجدان الحل المناسب لها .
حاولت الطالبة إخفاء ما تعانيه، معللة بأنها متعبة، وتشكو فقط من ألم بالبطن، وأنه سوف يزول بإذن الله بعد فترة قصيرة، ولكن لم تيأس المعلمة والمرشدة وحاولتا معها مرة ثانية، وإذا بالطالبة - وهي في الصف الأول الثانوي، بمدرسة للبنات بحفر الباطن - تنهار باكية، وتبوح لمعلمتها والمرشدة بوضعها الأسري المأساوي، وأن وضعهم المعيشي سيئ جداً، وأنها من أسرة مكوّنة من 15 فرداً "ثلاثة عشر ابناً، إضافة إلى الوالد والوالدة"، وأن والديها "الأب والأم" كان يعملان مستخدمَيْن على بند الأجور بالمدرسة نفسها، وتم الاستغناء عنهما، وهما لا يحملان أية مؤهلات، وأنهما لا يستطيعان تدبير نفقات المعيشة لها ولإخوتها، وأن "المريول" المدرسي الذي ترتديه خاص بأختها، ولا تملك غيره.
وكانت الفاجعة الأشد إيلاماً للمعلمة والمرشدة بَوْح الطالبة لهما بأنها لم تتناول الطعام منذ أمس؛ فلا يوجد في البيت ما تأكله، وأن المغص الذي تعانيه من الجوع، وهو سبب ضعفها وهزالها، وطلبت الطالبة - بتعفف شديد - من معلمتها والمرشدة الاجتماعية أن يكتما سرها؛ فهي لا تريد من زميلاتها معرفة أي شيء عنها، حامدة الله على نعمته، وسائلة أن يفرج عن والدَيْها ما هما فيه.
فهرعت المعلمة إلى مقصف المدرسة لتأتي لابنتها الطالبة بعلبة من العصير وبعض البسكويت، وأقسمت عليها أن تأخذه وتتناوله؛ لأنها في مقام أُمِّها؛ ويجب ألا ترد لها طلباً؛ فأخذتها الطالبة من معلمتها شاكرة لها حُسْن رعايتها .
وفي سرية تامة قامت المعلمة والمرشدة بدورهما في التكافل الاجتماعي مع الطالبة، كلٌ يجود بما يستطع، وتذكرت إحداهما أن لهذه الطالبة شقيقة كانت في المدرسة نفسها منذ عامين تقريباً، وهي تعرف حالة أسرتها الصعبة جداً، وأنهم متعففون، ويرفضون أن يطلع أحد على وضعهم السيئ .
"سبق" تضع هذه القصة، التي علمت بتفاصيلها من شقيق المعلمة التي روتها له، أمام الجهات المختصة؛ للنظر في حالة أسرة الطالبة