اصول الحوار
(3)
الرسول صلى الله عليه وسلم والحوار(2)
نجد في سيرته صلى الله عليه وسلم ، نماذج كثيرة متنوعة للحوار ،
ترد في أشكال شتى لتقدم لنا الدروس التي يحسن بنا الانتفاع منها .
حين جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة احتارت قريش وارتبكت ،
وفكرت ودبرت ، وكان مما صنعته أنها أرسلت عتبة بن ربيعة إليه ،
يحادثه ويفاوضه ويغريه .
يروى أن عتبة بن ربيعة جلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
ياابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السلطة في العشيرة والمكان
في نسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به
احلامهم وعبت به آلهتهم ،وكفرت به من مضى من آبائم ،
فاسمع مني اموراً لعلك تقبل بعضها .
فقال رسول صلى الله عليه وسلم :قل يا ابا الوليد أسمع . فقال له عتبة
ما قال حتى إذا فرغ قال له : أوقد فرغت يا ابا الوليد؟
قال : نعم : قال : فاسمع مني قال : افعل .
فأخذرسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو من سورة فصلت حتى انتهى
إلى الآية موضع السجدة منها وهي الاية (37) سجد ثم قال لعتبة :
قد سمعت يا أبا الوليد فأنت وذاك فقام عتبة إلى أصحابة فقال بعضهم :
نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بوجه غير الوجه الذي ذهب.
وطلب عتبة إليهم أن يدعوا الرسول وشأنه فأبوا وقالوا له :
سحرك يا ابا الوليد بلسانه.
في هذه القصة أكثر من درس.
فالرسول الكريم أحسن الاستماع لعتبة ،ومعنى ذلك أنه أحسن الاستماع
تماما وأعطى محاورة فرصة ليقول مالديه دون أن يعاجله أو يقاطعه.
وهذا قمة الأدب وقمة الذوق ، مما يجعل الطرف الأخر تتفتح نفسه للسماع
وحسن الإصغاء والاستعداد للتلقي . لذلك لاغرابة أن قال له قومه
بعد إذ عاد إليهم : سحرك يا أبا الوليد بلسانه .
صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي .(1)
ابو فايز
29-3-1430هـ
(1) المصدر السابق