معلومٌ أن المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي لأي مجتمع هم أشبه ما يكونوا بمرآة عن طريقهم يبصرُ المجتمع كثيرا من أخطائه، فما أن تطرأ مشكلةٌ ما إلا وينبرون لها تحقيقا وتحليلا وتدقيقا أملا في إيجاد الدواء الناجع لهكذا معضلة ،والتي قد تكون بمثابة موجٌ من القوة بحيث يستطيع تحطيم قاربٍ بمجاديفه كلها،،لذا نثمنُ كل ما يقومون به من أعمال ومشاريع فيها تنوير وتبصير للمجتمع، فلا نجاة لسفينة المجتمع سوى بالتعاون والتناصح فيما بين ركابها، ولاشك أنهم -مع العلماء- بمثابة القواد، وهم كذلك حقا،،
أقول كلامي هذا وأنا أعني كلمة مثقف، ،،فالمثقف من تشعر بكلامه صدقا وحبا لمداواة ومعالجة الأخطاء والأمراض التي يئن منها جسدُ المجتمع، مهما كان هذا الدواء مثيرا للامتعاض والكراهية،،وقد قال أبو الطيب:
لعل عتبك محمودٌ عواقبه*وربما صحت الأجسامُ بالعللِ،،
ولكن حقيقة، أُستفز لأجل بعض الكتابات من قبل بعض حاملي القلم والكلمة ،ومن هم محسوبون على الثقافة، لبعض المغالطات والتحليلات الأفلاطونية التي تعج بها كتابات البعض منهم، فالبعض يأبى إلا حشر نفسه في بعض القضايا الشرعية فيأتيك منظرا مفتيا وكأن الشافعي قد سلمه راية الإفتاء، فلا يكتفي بطرح رأيه بل يسفه الآخرين ويحط من قدرهم، وإن كانوا من هم في العلم،،
وأما نحن -المجتمع وقاطنوه--فنحن موئل لما عدم نفعه وعم ضرره، ونحن، أشبه ما نكون بقطيع من الغنم عندهم،صدقوني هذا ما تقوله مقالات البعض منهم، وأحسنهم من يقول: لا يمارس هذا التصرفَ رجلُ الشارع البسيط، فكفى ممارسة للأستاذية فهل أنتم إلا من هذا المجتمع؟!. أذكر أن أستاذا جامعيا كان كثيرا ما يتغنى بالغرب وانضباطهم في أعمالهم ، وإخلاصهم المتناهي تجاهها، وكان يصمنا بالهمجيين والمنفلتين ووو، والذي يحز في نفسي أنه كان كثيرا ما يتأخر عن موعد المحاضرة، كما أنه لا ينسى أن يصطحب معه كوبا من الشاي الأحمر ، وكم هم الكتاب الذي يشبهون هذا الأستاذ المثالي العجيب، ومن خلال مقالات البعض يتبين هذا وبجلاء، فقد تجده يدافع عن الحرية المسؤولة وهو في كتاباته يمارس الإقصائية في منتهاها ولا يراعي ما تفرضه عليه هذه المهنة المُستغلة، بل كأنه يكتب لمجرد أنه مكلف بعمودٍ يومي في صحيفة معينة
الأمر الآخر ، هل اللغة العربية عاجزة -حقا -عن إيجاد مرادفات لهذا الكم الهائل من المصطلحات التي تحفل بها مقالاتُ أحدهم -لا أقول كتبه-، أيضا لا أتحدث عن مصطلحات دارجة مشهورة ،وإنما مقالات ذات صلة بالشأن الاجتماعي، فتُقرأ وإذا هي طلاسم في طلاسم، فقد فاق أفلاطون والمعري وأرسطو والفارابي في فلسفاتهم ، ولا أعلم هل هو عجزٌ حقا عن عرض أفكاره بأسلوب يُفهم، أم أنه يخشى أن يُسحب منه لقب(مثقف) أم هو-ليس إلا- حب الظهور بعباءة الخطيب المصقع المفوه الذي لا ند ولا نظير له؟؟،،عجبي، وكأن المجتمع أجمعه من حملة الدكتوراة،،وما علم أن العلاقات متوترة جدا بين من يحسبون على فئة المتعلمين وبين الكِتاب ودع عنك غيرهم،،على أني إن نسيتُ فلا أنسى أن أنصحكم أن وطدوا الصلة بالموسوعة البريطانية وبالفلاسفة عموما، ولا تنسوا أن تتأبطوا دواوين كلٍ من(درويش-نازك الملائكة-السياب-البياتي-أدونيس-قاسم حداد،،،،والقائمة تطول) فلعل في هذا رياضةً لكم على فهم الرمزية والإيحائية على أصولها،ولا أُسأل عن تبعة هذه النصيحة ،والله من وراء القصد.